دروس قاهرة من غزة : وجهود اردنية واضحة
د.بكر خازر المجالي
03-08-2014 05:43 AM
ليت لنا حدود مع غزة لتحولت الى جسور، هل سمعتم يوما ما اننا اغلقنا حدودنا مع الضفة الغربية
جسورنا قائمة مع غزة ونحتاج الى بناء جسور بيننا ..
كلنا نتابع باهتمام وقلق وحزن ما يجري على ارض غزة... في نفس الوقت نشعر ان هناك قوة عربية تتصاعد وقوة متجبرة تتضاءل، وان الدرع الحديدي والقبة الحديدية والبروج المشيدة تتهاوى امام الاسلحة الفردية والصواريخ البدائية .
ان اكبر الدروس من حرب غزة هو ان قوة الارادة والتصميم والعزم وعدم الاستسلام مهما كان حجم الخسائر البشرية هو مصدر تحقيق النصر ، وكذلك ان الشجاعة الفردية وتوزع فرق القتال وعامل المفاجأة خلق من ارض غزة مقبرة للغزاة او ان كل جندي اسرائيلي وكأنه ينتظر الوت ولكن لا يعرف مصدره هل هو من اعلى رأسه او من جانب دبابته او حتى من داخل النفق ، فكأن الحجر والشجر والتراب والرمل تشترك في القتال ضد الهجوم البربري.
ولكن من الدروس العظيمة ان قوة حماس الشعبية ورجال المقاومة بالقليل من السلاح اثبتت لكل العرب ان هذا العدو ليس مخيفا مطلقا وان افراغ قنابله على رؤوس السكان والذبح الممنهج هي وسيلته ولا غيرها وسيلة طالما افلس من كل شيء وظهرت جبانيته وهمجيته وتخبطه ، وايضا فان اسر جندي وضابط اسرائيلي مؤشر على الرعب وسوء التخطيط عند العدو ، وفي التحليل العسكري لهذا النوع من القتال فقد حقق حالة من التوازن العسكري مرحليا فقد امتلك الجيش الغزاوي قوة المفاجأة وادخال الرعب في كل بيت يهودي ، وتسلل الخوف الى كل جندي اسرائيلي من القتل او الاسر ، واعطت عملية النفق حين فجر الفلسطيني نفسه ليقتل اثنين من الصهاينة اعطت دليلا على ان رجال المقاومة الفلسطينية لا يهابون الموت بل هم أهله وهم صانعوه ، عدا عن اثارة الرعب في كل اسرائيل التي يخشى سكانها على ابنائهم الجنود ، عدا عن تنقلهم المرعب بين الشوارع والبيوت وغيرها الى الملاجيء ، وتكرار دوي صفارات الانذار التي اصبحت حسب الناطق الاسرائيلي تدق كل ثلث او نصف ساعة.
عندما تحدثت في مقالتي السابقة ان اسرائيل في مرحلة الدفاع عن تأجيل نهايتها ، طالعتنا التقارير التي تقول ان لا اسرائيل على الوجود بعد عشر سنوات، وهذه حقيقة نلمسها تماما من خلال التغير في مفهوم الصراع مع اسرائيل ، ومن خلال كشف حقيقة القوة الاسرائيلية ، وتنامي القناعة عند العرب بان خطر الصهيونية تضاءل وان البعبع اليهودي قد تهاوى ،
من هنا يبقى لدينا كعرب معايير نتبعها :
منها اولا : ان لا نستخدم الصراع في غزة كوسيلة لتحدي قياداتنا بل للوقوف معها لمساندة اهلنا في غزة ،
ثانيا : عدم تشتيت الجهد العربي وتوجيهه معنويا وعلميا وثقافيا نحو مساندة اهل غزة.
ثالثا : ان نتذكر بالخير الجهود العربية السياسية وما يقدم من امدادات لاهلنا هناك .
فهل نتذكر معا ان هناك مستشفى عسكري اردني بحجم مستشفى متكامل بكافة الاختصاصات يعمل في قلب ارض المعركة ، وهو الوحيد منذ سبع سنوات يقدم الخدمات الكاملة ويجري العمليات الجراحية الكاملة ،
هل نتذكرحجم القوافل التموينية المتواصلة لاهلنا هناك التي تسيرها الهيئة الخيرية الهاشمية
هل نتذكر اعداد الجرحى الفلسطينيين الذين يصلون تباعا الى المستشفيات الاردنية للعلاج.
هل نتابع جهود جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم السياسية وعلى كل صعيد للوصول الى وضع حد للعدوان ، وجهود الحكومة الاردنية ايضا ..
هل نفهم ما معنى طرد السفير الاسرائيلي والغاء معاهدة وادي عربة حاليا كما يطالب البعض دون ادراك لابعاد ذلك مقتصرين على اطلاقها كشعارات من باب التحدي والاحراج وكسب الشعبيات .
بمعنى اوسع ان العقلانية وتحكيم الذهنية واستقراء المستقبل وادراك الواقع هو الذي يجب ان يقود الشارع الاردني في التعامل مع هذه الحرب الشرسة ، وان ندرك جميعا اننا جزء من المجتمع الدولي الذي علينا كسبه لا ان نجعله ينقلب ضدنا ،
ونراقب الان كيف تحاول اسرائيل جعل اسر الجنديين قضية عالمية اضافة لاطلاق الصوراريخ لتبدو انها في حالة دفاع عن النفس ومن حقها ان تتبع كل الاساليب القذرة في هذا الدفاع. ولكن ما اريد قوله في الختام المؤقت ان علينا ان نبني منظومة من الثقة في دولتنا كاملة وفي انفسنا كأردنيين بانننا فعلا نقف عمليا مع اهلنا في غزة وان لا تقصير مطلقا مقارنة مع الجهود العربية الاخرى ، وليت لنا حدود مع غزة فهل تعتقدون انها ستغلق في لحظة ما ؟؟؟ لدينا حدود مع الضفة الغربية وفي كل الازمات والكوارث هل سمعتم اننا اغلقناها لو للحظة واحدة ،
جسورنا مع غزة راسخة ومستمرة ، ولكن نحتاج الى بناء الجسور بيننا وان نقف مع دولتنا لا أن نهرع الى المزايدات والاستعراضات والمناكفات واستغلال كل موقف للمز والهمز في وطننا وقيادتنا الغالية التني عز مثيلها في مثل هذه الايام ..