هدنة ويعودون لقتل الأطفال
جهاد الخازن
02-08-2014 04:21 PM
عشية الاتفاق على هدنة «إنسانية» لمدة ثلاثة أيام كان بنيامين نتانياهو يقول إنه سواء اتُّفِق على وقف إطلاق النار أو لم يُتَّفق فستواصل إسرائيل عملياتها العسكرية حتى تدمر أنفاق «الإرهاب» من قطاع غزة إلى إسرائيل.
هي كلمة باطل يُراد بها باطل مثل رئيس وزراء إسرائيل وحكومته. الجنرال سامي تركمان، رئيس القيادة العسكرية الإسرائيلية في الجنوب، قال إن إسرائيل بحاجة إلى «أيام قليلة أخرى» لتدمير الأنفاق.
هذا الكلام أيضاً باطل مثل الجنرال واسمه المسروق من لغتنا وبلادنا.
لنفترض أن إسرائيل دمرت الأنفاق بعد يومين أو ثلاثة، أو بعد أسبوع، ماذا ستكون النتيجة؟ الفلسطينيون سيبدأون حفر أنفاق جديدة، ويبدو أن هذا عمل يتقنه رجال حماس كثيراً. بكلام آخر، كلام نتانياهو غير منطقي أبداً.
هل أزيد؟ كل مَنْ دخل الأنفاق وخرج منها ليقاتل الإسرائيليين في فلسطين المحتلة مناضل من أجل الحرية. في المقابل نتانياهو وأعضاء حكومته وأنصارهم وجيش الاحتلال إرهابيون.
أترك رأيي ورأي الإرهابيين الإسرائيليين وأتوكأ على رأي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فهو يمثل العالم كله، وهو قال بعد قتل 20 مدنياً في غارة على إحدى مدارس أونروا، إن هذا العمل «فظيع ولا مبرر له ويجب محاسبة (مَنْ ارتكبه) وتحقيق العدالة». بكلام آخر بان كي مون يقول إن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في قطاع غزة.
الحرب في القطاع ستنتهي بخاسرَين: حماس وإسرائيل. حماس تتحمل المسؤولية عن الانفصال في قطاع غزة واستعداء دول عربية قادرة على المساعدة. وهي أيضاً مسؤولة مع إسرائيل عن موت 1400 فلسطيني حتى الآن وجرح سبعة آلاف وتشريد عشرات ألوف آخرين لأنها أعطت حكومة فاشستية العذر لترتكب جرائم حرب جديدة. إسرائيل في المقابل لن تحقق هدفها بتدمير حماس، وإنما هي دفعت ثمن إرهابها 60 قتيلاً وزيادة شعبية حماس بين الناس إن لم يكن بين الحكومات.
كنت ضد انفصال حماس في قطاع غزة ولا أزال، وأعترض على تأييد حماس حكم الإخوان المسلمين في مصر لأنه أضرَّ بالشعب المصري، الذي أيَّد دائماً القضية الفلسطينية، كما أضرَّ بالفلسطينيين، كذلك أعترض على جعل قطاع غزة «نسخة مخففة» من دولة داعش في شمال شرقي العراق وغرب سورية.
الآن أقرأ في مجلة «كومنتري» الليكودية أن الوسيط مع حماس هو قطر. لا وسيط سوى مصر ودول الخليج القادرة. أما قطر فدورها تمويل الإخوان المسلمين، وحماس منهم، إلا أن لا نفوذ لها على الأرض، والحديث عن إعادة تعمير قطاع غزة مقابل تجريد القطاع من السلاح خرافة من مستوى خرافات التوراة.
أقرأ أيضاً أن دولاً عربية تعتبر حماس أسوأ من إسرائيل. «نيويورك تايمز» تعبِّر عن تمنياتها، ففي النهاية إسرائيل نتانياهو وليبرمان وبنيت تركض لاهثة للحاق بهتلر في جرائمه، ولا تأييد لها إطلاقاً حول العالم (إذا استثنينا الكونغرس الأميركي)، وأتابع كل يوم مواقف سلام وإنسانية من يهود حول العالم دانوا بصريح العبارة جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين.
حكومة الإرهاب الإسرائيلية استدعت 16 ألف مجند آخر من الاحتياطي ليصل الاستدعاء إلى 86 ألف جندي احتياطي. الفائدة الممكنة لهؤلاء هو أن يسدوا بهم الأنفاق التي عثروا عليها بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة بانتظار انتهاء هدنة الأيام الثلاثة ليستأنفوا قتل النساء والأطفال.
لا أعرف غزة ولا أعرف أسرة بلاطة التي خسرت 11 عضواً فيها بعد غارة إسرائيلية على منزل الأسرة. كيف يعزي إنسان أسرة فقدت رجلاً وثماني نساء وولداً وطفلاً في لحظة واحدة؟
كان هناك هجوم آخر على مستشفى كمال عدوان في غزة حيث سقط قتلى وجرحى، بينهم أطفال.
كلها ذكريات مؤلمة، فقد عرفت الشهيد كمال عدوان وأسرته في بيروت عندما كان من أركان فتح. هو قتِل في 10/4/1973 مع أبو يوسف النجار والشاعر كمال ناصر. وذهبت إلى شقة الأسرة لأجده محمولاً والدم ينزف من جسده.
وجلست على طرف سرير في غرفة النوم مع زوجته السيدة مهى الجيوسي، ابنة أحد أشهر قضاة الأردن، وهي تحتضن طفليها الصغيرين، وتحكي لي ما حدث. بعد حوالى 30 سنة وأنا في مؤتمر الشرق الأوسط للمنتدى الاقتصادي العالمي على البحر الميت، اقتربت مني شابة قالت لي إنها دانا كمال عدوان التي عرفتها طفلة. وبعد سنة على مدخل أحد فنادق عمّان اقترب مني شاب قال إنه رامي كمال عدوان. على سبيل التذكير، ايهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل في وقت لاحق، كان بين الإرهابيين الذين شاركوا في العملية.
كل منهم إرهابي من سلالة إرهابيين أنجاس، وحكومة إسرائيل عار على اليهود حول العالم لذلك يدينها طلاب السلام منهم وهم كثر، وتتظاهر ضدها الشعوب في كل بلد. هي لطخة على جبين الإنسانية.
(الحياة اللندنية)