احمد العكايلة* رداً على زكي بني ارشيد
30-07-2014 11:14 PM
" انتشار داعش وأخواتها ليست فرصةً لنعاير بها الأنظمة والمجتمعات "..
متى سنتوقّف عن وضع أيدينا على قلوبنا كلما همّ أحدهم بالحديث..و متى سنتوقّف عن التفكير بعقليّة الاتهام و التخوين و عن رؤية العالم برؤيةٍ ثنائيةٍ و تفسيميةٍ بشعة ((من ليس معي فهو ضدّي))
الحديث مع الناس بلغة التخوين...واسكات كل نصائحهم وانتقادهم بصيغة (( لا صوت يعلو فوق صوت المعارك)) هي ذات العقلية التي لاقينا منها العذاب والتنكيل من قبل أرباب السلطة في العقود السالفة..و ليتنا كنا جزءاً من تلك المعركة..لصمتنا احتراماً لصوتها..أما ان نكون كالأصلع المتباهي بشعر ((خالته ))..فهو مما لا بحتمله المنطق ولا يقبله العقل..
لا زلنا نقول أن البعض في الحركة الإسلامية لا يمتلك خطاباً أصيلاً ولا يزال يتكيّف مع الواقع ويميل حيث تميل الريح دون الوقوف على أرضيّةٍ فكرية متينة..و كل محاولاته لتغطية ذاته بخطاب أكثر ليبرالية ستبوء بالفشل وسيتكشّف عند أول اختبار حقيقي...هو لم يتجاوز بعد الخطاب التراثي بكل أبعاده...و لا زال وفيّاً لكل تفصيلاته...و لكنه لا يستطيع تحقيق حضوره السياسي بمثل هذا الخطاب...فلا بأس إذاً ببعض مواد التجميل الفكربة إلى حين انتهاء الحاجة إليها بتغيّر الظرف
بمثل هذه الحالة...هو لا بختلف في منطلقاته الفكرية عن داعش..كما أنه لا يختلف ذهنياً عنها...فالكل في عرفه متّهم..و مساحة الاختلاف عنده ضيقة جداً..فكيف لمثل هؤلاء أن يكونوا عامل تطمين لمكونات الأمة والأوطان...وهم يستدعون في كل لحظة عوامل الانقسام والتفتيت في التعامل مع الآخر.
ولا أدري من الذي يستدعي المعارك الجانبية..أهو الشريك في الوطن و الحضارة والذي يطلب منا توضيحاتٍ و تطميناتٍ تتعلق بوجوده و مستقبله ؟؟ أم أولئك الذين يهربون من مآزقهم و إخفاقاتهم الداخلية عبر الاحتفالات بإنجاز الآخرين؟؟؟
نبرة التشفّي في الخطاب ليست نبرة أرباب المشاريع و أصحاب الرؤيا الحضارية ، انتشار داعش وأخواتها ليست فرصةً لنعاير بها الأنظمة والمجتمعات ، إذ أنّ انتشارها يمثّل مظهر فشلٍ لكل العاملين على الساحة ،و التمايز عن داعش و أخواتها ضرورةٌ لكل الحركات الإسلامية ، إن لم يكن من أجل الصورة الحضارية التي نقدمها لهذا الدين ، فمن أجل العامل السياسي و المعادلة الدولية التي تتوجه باتجاه الحرب على الإرهاب ، والقبول بها عامل ضروري للإبقاء على المساحة الملائمة للتحرك فيها سياسياً
ما لم تتحقّق المراجعات الذاتية التي تعيد الاعتبار للنسق الفكري كي ينطبق معه الأفراد..و ما دام المخفقون على الصعيد السياسي قادرين على الهروب من استحقاقات المحاسبة و تحمّل تبعات الفشل فسنظلّ نخسر كل حلفائنا و صورتنا الناصعة..و سيبقى الحال على حاله طالما أنّ هناك من يبيعون المواقف من أجل تسويق الذات طمعاً في أصوات أكثر في الانتخابات القادمة.
* قيادي شبابي اسلامي