مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة , فما بالك إن كانت الأقدام تعود الى الوراء , هذا هو حال الاعتماد على الذات فالطريق لا يزال طويل وشاق , ليس لأن الاقتصاد يعتمد على المساعدات والقروض والمنح فحسب بل لأن الانتاج يتراجع كذلك .
أنظر الى بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأخيرة حول التجارة الخارجية لأول خمسة اشهر, صحيح أن الصادرات الوطنية ارتفعت بنسبة 9.6% , لكن المستوردات زادت 6.4%. مقارنة بذات الفترة من العام الفائت .
حصة الصادرات الوطنية من الصادرات الكلية خلال بلغت 2.112 مليار مقابل مستوردات، بقيمة 6.699 مليار دينار وهو رقم هزيل جدا .
صحيح أن مستوردات الأردن من النفط تشكل الثقل الأساسي في هيكل المستوردات , لكن باليد الأخرى لا يجب أن يفوتنا تأثير تراجع صادرات سلع أساسية مثل الفوسفات والبوتاس , فالتراجع جاء بنسبة 42.9% للاولى ، أما للأسمدة فبلغ 36.7% بالرغم من أن كميات الانتاج قد زادت 14% للأولى و6ر9% للثانية أي البوتاس .
الحكومة بصدد إعداد موازنة السنة المالية 2015 , وهي موازنة لا تأتي في ظل أوضاع أقل سوءا من سابقتها لذلك سيكون من الصعوبة أن تقترن بأوصاف مثل موازنة تنموية وتقشفية أو موازنة الأداء والبرامج , بل يكفي أن تكون موازنة واقعية تعكس حقيقة الوضع المالي دون زيادة أو نقصان تظهر فيها على الأقل اولى خطوات الاعتماد على الذات .
لم يسبق أن سجلت أية موازنة على مدى سنوات مضت إلتزاما حرفيا بتقديراتها فثمة أمور طارئة , تستجد تفاجئ التقديرات مهما كانت دقيقة , وتجعل من واضعيها في حيرة مهما بلغت درجة الدقة في التقديرات , وتدفعهم الى مواجهتها بملاحق وذلك يعد أمرا طبيعيا خصوصا وأن تقديرات إيرادات الموازنة ترتبط بعوامل متغيرة , منها الأداء الإقتصادي والمساعدات ,.
ليس هناك ما يضمن عدم بروز تطورات مماثلة أو أسوأ خلال العام المقبل , خصوصا وأن الأحداث مفتوحة على تطورات ومفاجآت كثيرة , ليس أولها تطورات الأسعار وتأثر الإقتصاد بأحداث إقليمية قد تتجاوز التوقعات والتقديرات والتحسب .
هناك من يطالب بإلتزام متشدد بأرقام الموازنة , هذا المطلب محق في دول تعتمد على النشاط الإقتصادي المحلي مثل الصناعة والتجارة والصادرات وتتوفر على ثروات تدر دخلا محسوبا مثل النفط كمصدر لإيرادات خزائنها , لكنه بالنسبة للأردن هو مطلب صعب , إنما يطالب به من يريد إحراج الحكومة .
هناك من يقترح على الحكومة بناء موازنة تنموية , لكن ما فاتهم هو كيف قد يتم ذلك في موازنة يعتمد إنفاقها الرأسمالي على المساعدات ونحو 40% من إنفاقها الجاري يمول بالدين .
(الرأي)