" سياسة المسح على جباه الايتام .. "
د. صبري ربيحات
29-07-2014 10:20 PM
يطفو على ساحة العمل العام هذه الايام العشرات من الطامحين والطامعين في احتلال الصفوف الاولى في الادارة العامة...ويجري سباق محموم بين هؤلاء الاشخاص لاثبات
انهم يعرفون ما يقلق الناس....وعلى دراية برؤيا القيادة للمستقبل....ويوهمون المنافقين والطامعين والسماسرة بانهم عائدون لادارة دفة البلاد وتسيير شؤون العباد....و انهم يملكون كل الحلول المناسبة لمشكلاتنا المستعصية...
ويبرر فرسان السباق اخفاقهم في ارضاء الناس واجتراح الحلول لمشكلات الامة ابان ولاياتهم السابقة لاسباب خارجة عن ارادتهم..... ياتي في مقدمتها... نقص الموارد....وقصر فترة توليهم للموقع...وتدخلات مراكز القوى الاخرى في قراراتهم.
ومع الاقرار بصحة بعض هذه الاسباب ومشروعية المنافسة بين الطامحين في تولي رئاسة الحكومة والمواقع القيادية الاخرى الا ان الوسائل المتبعة في اعادة التأهيل وتقديم البرامج بعيدة كل البعد عن الطرق المتبعة في مجتمعات اخرى....وعن ما يحتاج له الناس.
فالجميع يسعى الى التقرب الى التشكيلات الاجتماعية التقليدية كجاهات الخطبة ذات الطابع الاستعراضي التي ينظمها الميسورين والمتنفذين والانتهازيين في قاعات الفنادق الفخمة والسرادق الملوكية....بحيث اصبحت الاسر تتبارى في اعداد المدعوين وطقوس ومراسيم الحدث الوهمي ومكانة وشهرة المشاركين في تمثيلية الخطوبة التي غالبا ما تتم خارج حدود المجتمع المحلي للخطيبين.
وفي رمضان...الذي اكتملت ايامه بالامس....تحول مارثون اعادة التدوير....الى سباق للمشاركة في نشىاطات وجهود لا تختلف عن تلك التي كانت تقوم بها الام تيريزا مع اختلاف الدوافع..
فقد انفلت ساستنا على دور الايتام لرعاية احتفالات الافطار.....وتوزيع الهدايا والتبرع للجمعيات ....والمسح على جباه الايتام ......كما انهم لم يتاخروا عن اي بيت عزاء او وليمة عرس او دعوة استعراضية يقيمها المتسلقون والمهربون والغاسدون في اي ركن من اركان البلاد .
دخل الجميع في سباقات محمومة جديدة ليبرهنوا انهم ليسوا مستشرقين كما كنا نظن ويعتقد غالبية الاردنيين الذين تابعوا مسيرتهم العلمية والعملية التي ارتبطت باشياء كثيرة غير مصلحة الفقراء والمعوزين.
لقد اصبحت الرعايات وحفلات افطار الايتام احدث المجالات التي يدخلها الساسة من اجل استكمال متطلبات اعادة تاهيلهم للعمل العام السياسي في العقد الثاني من القرن الحادي و العشرين.
مع كل اسف فان لا احد من المتبارين يملك تصورا متكاملا لواقع البلاد ومعاناتها وسبل الخروج من الازمات المتتالية التي تفاقمت في السنوات الاخيرة....الجميع يتسابقون على الفوز برضا القصر.....ويحاولون اقناع الملك بانهم مطلب شعبي...وانهك قادرون على تحقيق انجازات.....
المشكلة ان هذه القيادات تتصرف مثل المستشرقين فهم يقدمون انفسهم للمجتمعات المحلية من خلال منافذ و رموز تقليدية يعتبرها المجتمع جزء من مشكلته...وقد يكون وجودها السبب الرئيس للازمات التى عانى منها المجتمع ولا زال.
مشكلات الاردن تختلف عن مراسيم طلب العروس والرد على الطلاب حتى وان اختتم الوجيه مرافعته المكتوبة بالدعاء الى الله ان يحفظ الاردن والقيتدة ويديم عليهما نعمة الامن والتي اصبحت لازمة يحفظها كل رؤساء الوزارات السابقون والاايان والنواب.....
كما اننا نحتاج الى اكثر من مسحة حنان مؤسسية شكلية على رؤوس ايتام المؤسسات اثناء تناولهم لوجبات المحسنين تحت عدسات الكاميرات والبث الحي لكل حركات الطامحين على صفحات المواقع الالكترونية المصاحبة لهم... وكتاب الخبر.
الشعب والنواب بحاجة للتعرف على كيف تفكروا وعلى كيف ستعالجوا مشكلاتنا المزمنة....فنحن متاكدين من ولائكم....لكننا لا نعرف مدى تطور قدراتكم ولا برامجكم الجديدة....فخطب العروس يتفنها وجهاء الاحياء....واطعام الايتام يتكفل بها المحسنون الحقيقبون.....اسمعونا ارائكم في الفساد....وغزة....والاصلاح السياسي.... والتنمية....والمديونية....والتعليم....والعلاقات الخارجية....ومشروع بناء كرامة الامة.....وخذوا صوتي