غزة هاشم والتاريخ والتحدي
د.بكر خازر المجالي
27-07-2014 05:40 AM
ما اكتبه هو من مشاهداتي الشخصية قبل سنتين لغزة أثناء زيارة لي للمستشفى الميداني الاردني فيها .
للعلم ان الكهرباء في مدينة غزة تأتي على فترتين في اليوم ، أي ان القسم الشمالي من المدينة تصله الكهرباء لمدة 12 ساعة ، وتقطع عنه لتصل إلى القسم الجنوبي لمدة 12 ساعة أخرى وهكذا ، ولكن طبيعة عمل المستشفى الاردني تقتضي ان تكون الكهرباء مستمرة على مدار الساعة ، وتم تغطية الموضوع حين تبرع احد تجار غزة بمولد كهرباء ضخم للمستشفى ليعمل في فترة الانقطاع إضافة لوجود المولد الاحتياط مع المستشفى العسكري نفسه .
أما المشهد الثاني هو ان المستشفى يستخدم المياه النقية ،وحدث انقطاع في المياه هذه فبادرت الكنيسة في غزة لتقديم شاحنة كاملة من زجاجات المياه المعدنية للمستشفى ، للعلم عدد المسيحيين في غزة حوالي 1700 شخص وقد تشرفنا بزيارة مقر الكنيسة ولهم نشاط إنساني واسع يشمل كل القطاع. .
ولكن ما هو جدير بالذكر ان أهل غزة رجال شهامة حقا ، وهم مستعدون لأصعب الظروف ، لقد قطعت إسرائيل الديزل عنهم ، فوجوا ان زيت القلي يمكن استخدامه كوقود وبنجاح ، وتم ذلك وقال لي احد أهل غزة أصبح السوق والشوارع وكأنها مقلاة فلافل من رائحة عوادم السيارات.
وتحدثوا عن قصص فيها إبداع في مقاومة كل أشكال الحصار والتضييق ، لقد منعت إسرائيل دخول رمل البناء ، فاستخدموا ركام المباني التي هدمها العدوان بإعادة طحنها واستخدام الحديد فيها في البناء .
وحدثني رجل كبير السن وشيخ جليل من المزارعين قال كان الداعم الوحيد للزراعة في قطاع غزة الملك الحسين طيب الله ثراه الذي فتح لنا السوق المركزي الاردني لاستقبال منتجاتنا وكنا نعامل به على قدم المساواة مع المزارع الاردني بل باحترام وتقدير خاص .
غزة مدينة الكنائس والمساجد وعاصمة الصحراء ومرقد هاشم بن عبد مناف الذي توفي فيها في أثناء إحدى رحلات الإيلافف التي سنها هو واسمه عمرو وتلقب بهاشم لكرمه وهشمه الثريد وجاء وصفه بشعر مطرود بن كعب الخزاعي :
عمرو الذي هشم الثريد لقومه قوم بمكة مسنتين عجاف
سُنت إليه الرحلتان كلاهما سفر الشتاء ورحلة الاصياف
وتوفي في غزة عند قوم من أعمامه يقطنون غزة هم قوم عمرو بن كنانة هي الآن مثلما كانت ومثلما ستكون تتعرض لمحنة كبيرة ..
وأقول لكم ان من يزور غزة ويخالط أهلها يدرك انه أمام شعب لا يعرف الاستسلام ولا الركوع لغير الله سبحانه وتعالى ، وفيها دروس كبيرة من العزم والتصميم والتحدي .
سفارتنا في غزة هي مستشفانا العسكري بكوادره التي تعمل باستمرار في خدمة الأهل وسط التقدير والاحترام لمهنية كوادرنا ووفائهم وإخلاصهم في الخدمة .
المستشفى الاردني في غزة لا زال يتردد في أرجائه زغرودة المرأة الغزّية التي أطلقتها يوم وصول اول قافلة للمستشفى إلى غزة .
ولا زلنا نحن الأهل والنخوة
وأهل غزة هم الوفاء والكرامة
وأخيرا أقول لا تخافوا على غزة مطلقا