منطق القوة .. أم قوة المنطق ؟
عماد عبد الرحمن
26-07-2014 08:59 PM
ما تريده اسرائيل من حرب الابادة الجماعية في غزة هاشم إظهار نفسها وكأنها ما زالت صاحبة المبادرة في اعلان حالة الحرب وانهائها أنّى شاءت، وهو ما لم يتحقق لها في حربها الثالثة على القطاع المحاصر منذ نحو ثماني سنوات، كل ما فعلته اسرائيل حتى الان قتل المدنيين وهدم المنازل فوق رؤوس قاطنيها، وهو ما يتنافى مع اتفاقية جنيف التي تنص في مادتها الاولى على ضمان حماية المدنيين خلال الحروب، وهو ما لا يحدث ويسكت عنه العالم اجمع.
الغزّيون لا يخشون الموت، بالنسبة لهم هو افضل من العودة الى الوضع الذي كان عليه حالهم قبل الحرب، وهم يعرفون انهم اهداف سهلة لطائرات الاحتلال وقذائفه ودباباته، وان ارواحهم بالنسبة للعالم لا تعني شيئا، لكن امام هذه الغطرسة والعربدة، أين مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، ولماذا لا يتحدث احد عن جرائم الحرب التي ترتكب يوميا على مرأى ومسمع العالم، وكأن العالم كله لا يمانع في الخلاص من شعب لانه لا يريد تنظيما مثل حركة حماس في غزة، بينما لا يمانع بان تحكم اسرائيل من حكومة هي الاكثر تشددا في تاريخها؟.
حتى «السلطة» في رام الله كانت تتحدث في السابق عن اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية للشكوى ضد الكيان المتغطرس، وقد يكون الامر من باب «التكتيك السياسي» ، لكن ما الذي يمنعها من ان يكون خيار «الجنائية» خيارا استراتيجيا لديها ، ينطبق على اي انتهاكات ضد الفلسطينيين في اي مكان او زمان، وكيف يمكن الاستفادة من الوضع الجديد لفلسطين كمراقب في الامم المتحدة، لتغيير الواقع المؤلم لهذا الشعب المظلوم .
تصعيد العدوان الاسرائيلي ضد غزة والضفة الغربية جاء نتيجة غياب الافق السياسي، الذي رعته امريكا منذ نحو 23 عاما، ولم يحقق ما هو مرجو منه ،بسبب التعنت الاسرائيلي، وإفشال المفاوضات المتعمد ، وبالتالي تزايد حالة الاحتقان ، وما هذا التصعيد الا حلقة اخرى تضاف الى سلسلة ازمات ومحطات اعتداء متواصلة، يسعى الكيان، الذي يقوده اعتى المتشددين، من ورائها الى فرض ارادته وتحقيق تطلعاتها التوسعية والاستعمارية في المنطقة.
القناعة الراسخة لدى الفلسطينيين ان الاستمرار في طريق المفاوضات امر عبثي لا يغني ولا يسمن، وهو بالتالي لا بديل عن الصمود ومقاومة المحتل فيما تبقى من ارض فلسطين، خصوصا وان اسرائيل لا تعرف سوى لغة القوة ومنطق الاعتداء والغطرسة، ولا تعترف بلغة المنطق، فهل يعقل ان يبقى اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في سجن كبير ، محرومين من حقهم في الحياة كبقية بني البشر، كما هو الحال في الضفة الغربية التي ترزح ايضا تحت نير الاحتلال، وتعيش تحت رحمته يوما بيوم.
كل ما ينبغي على الفلسطينيين فعله الان توثيق ما يحدث ، واللجوء الى المحاكم الدولية المختصة ، ليس لتحقيق العدالة ،فهذا امر بعيد المنال، ولكن لتبقى قضية الشعب المحتل حية في كافة المحافل الدولية، ولتكون الوثائق والمشاهدات والشهادات حاضرة على ارفف المحاكم الدولية وفي اروقة الامم المتحدة، لعل وعسى ان يأتي يوم يكون فيه للقانون الدولي وللعدالة مكان على هذه الارض.
Imad.mansour70@gmail.com