لو كنت صاحب قرار لاطلقت مبادرة اجتماعية لتزويج آلاف الشباب الغزيين، لتعويضهم والتخفيف عنهم، ولزيادة ذرياتهم، ولادخال المسرة الى غزة، بدلا من الموت فقط، واعمار لبناها الاجتماعية، وهي مبادرة تستحق ان تجد من يتبناها، فالدم لايعوضه الا دم آخر،والذرية لايعوضها الا ذرية اخرى، الا اذا كان المطلوب فقط ابادة اهل غزة، فوق اطنان من بقج المساعدات الغذائية، لشعب ليس جائعا اصلا.
يقال هذا الكلام، لان غزة واهلها بحاجة الى دعم يفوق الدعاء على اسرائيل التي ندعو عليها من ستين عاما، فلم تزدد الا وحشية، وقد شبعت غزة لطما ودموعا من كل واحد فينا، وهذه اللطميات لا تعيد شهيدا الى قيد الحياة، ولا تعالج جريحا، ولا تعيد بناء منزل، ولاترميم غرفة، ولاتغسل قلب طفل من الرعب.
غزة لايفيدها اللطم، ولا تلك الدعوات الدخيلة في فنون القتال، التي تقول لك لنقرأ سورة الفتح مليون مرة الليلة، ولندعو على اسرائيل بسورة الفيل، واذا كان الله طبعا يعرف نوايا الناس، ويتقبل كل دعاء، فأن العنصر المادي ، مهم جداً، بدلا من الاستسلام للغيبيات.
ليس ادل على ذلك من ان المسلمين بوجود النبي صلى الله عليه وسلم، وكلنا يفهم ماذا يعني وجوده، تعرضوا الى ثلاث نتائج متناقضة في ثلاث حروب، لان العنصر المادي، غاب، او تمت ادارته بشكل صحيح او غير صحيح؟!.
الرسالة للناس، انه بوجود النبي يتعرض الناس الى نتائج مختلفة، ولايمكن النوم، بانتظار النصرة الالهية وحسب، ونزول الملائكة، فما بالنا بغير وجوده كما اليوم؟!.
في بدر انتصر المسلمون، وفي احد هزم المسلمون، وفي مؤتة كانت النتيجة معلقة، كرار وليسوا فرارا، اي ثلاث نتائج مختلفة، وجاء اختلافها بسبب تغير العنصر الارضي المادي، وهذا يعني ان العقل والفعل المادي ضروري جدا، والاتكاء على العنصر الروحاني والامداد الالهي اتكاء مهم، لكنه بحاجة الى عمل على ارض الواقع.
في الخندق، كان بأمكان الله عز وجل ان يدفن المشركين، وكان بأمكانه ان يغير ارادتهم فلا يغزون، فلم يحدث هذا، بل بدأ النبي بعظمة مقداره وصحابته بالحفر، اي حفر الخندق، لم يحدث اتكاء على النصرة الالهية، فقط، بل تم اللجوء للعنصر المادي في المواجهة.
مغزى الكلام انه لايفيد غزة ذرف الدموع، ولابد من مناصرتها بكل الوسائل، وهاهو العيد على الابواب، ان كان هناك عيد،اساسا، واقترح على الناس، ان لايقدموا لغزة دموعهم فقط، فقط شبعت من الدموع المالحة، ولابد من دعم الناس ماليا، للتخفيف من مصيبتهم، والوسائل المتاحة كثيرة، لمن صدق مع الله، قبل اهل غزة.
بأمكانك ان تقدم مالا من مالك لترميم البيوت، او للتخفيف عن عائلات الشهداء، او لعيديات الاطفال، الا اذا افترض بعضنا، ان جهادهم يجب ان يتزامن مع حرمان دنيوي، وهذا غير منطقي نهائيا، فهم بشر، وبحاجة لمن يخفف عنه وعن اطفالهم، اذ يكفي اطفالهم الرعب من صوت الصواريخ، واطفالنا لايحتملون صوت بالون اذ ينفجر.
بين يدي لجنة زكاة مناصرة الشعب الفلسطيني في جبل الحسين، وهي لجنة مرخصة رسميا، ومحترمة وشفافة لاتسرق مال الناس، ولاتتاجر فيه، ولديها مشروع اطلقته فوق كفالتها الاف الايتام في فلسطين، باعتبارها تكفل اكثر من ثلاثين الف يتيم فلسطيني، عن طريق كفلاء اردنيين في هذا البلد المبارك.
مشروعها تحت مسمى «غزة لن تموت» ويتضمن تقديم الف دولار لعائلة كل شهيد، والفي دولار لكل عائلة تم هدم بيتها، وعيديات الاطفال، وكفالات الايتام، ومبالغها بسيطة ويقدر عليها اي شخص، وبأمكان الناس الاتصال على اللجنة على رقم هاتفها في عمان وهو 5697461 وموقع اللجنة الالكتروني WWW.MONASARA.ORG.
يكفينا ان نضحك على انفسنا، اذ يقول البعض ان التبرعات لاتصل، والبعض الاخر يقول مانفع التبرعات، وثالث يقول ان العين بصيرة واليد قصيرة، ويأتيك رابع ليقول مانفع المال مع الدم، والنتيجة هي تورطنا كلنا في خذلان غزة، ولحظتها تصير دموعنا، مثل دموع التماسيح،ان لم تكن اسوأ، والاجدى تجفيفها، فلا ينقص غزة، من يكذب عليها؟!.
على مشارف العيد، ان كان هناك عيد اصلا، استضف طفلا من غزة في بيتك، في افطارك الرمضاني، واستضف ام شهيد في عيدك، والبس طفلا من غزة لباس العيد، ورمم بيتا مهدوماً، حتى لايقطنوا من امتهم، ولايصير مطلوبا منهم، الموت فقط، دون تخفيف ودون مسرة، باعتبار ان المطلوب منهم الموت فقط ودفع الثمن نيابة عن الاخرين.
من مبادرة التزويج التي اقترحها، لزيادة ذرية الغزيين، ولنسترد الشهداء الف ضعف، وصولا الى لجنة المناصرة ومشروعها، لدينا سماء من الخير، بأمكاننا جميعا ان نستسقيها.
(الدستور)