ضرورات ملحة في هيكلة منظومة التعليم
فيصل تايه
24-07-2014 05:25 AM
ان المدخل الحقيقي لأي تطور أو تحديث تنموي يشمل مختلف جوانب حياة الأمم يبدأ بالعلم .. ولأننا مهتمون اهتماما كبيرا بإعادة هيكلة منظومة التعليم وآليات عملها هيكلة جذرية شاملة .. وعلى كافة الصعد بدءًا بمكاتب الوزارة وانتهاءً بالمدرسة.. ذلك ما يمكننا من بناء مجتمع تربوي جديد يحمل ثقافة الولاء للوطن والمهنة ويعززها بعيدا عن الولاءات الضيقة للمسؤولين المتنفذين والشخوص الزائلين .
ان مسارنا التعليمي التربوي بلا شك يعاني من قصور واختلالات في المدخلات والمخرجات على حد سواء .. ليس ذلك داخل أقبية وزارة التربية والتعليم ولا داخل ردهات المدارس فحسب , بل وعلى مستوى التأهيل بدءًا بخريجي المهن التعليمية في الجامعات وانتهاءً بالمناهج والوسائل وطرائق التدريس النمطية التقليدية التي باتت لا تلبي متطلبات الألفية الثالثة وروح العصر الحديث .. ما يدعونا إلى الحاجة لتصحيح وتقويم مسار التعليم ومنظومته من جميع جوانبها .
إننا في الأردن عمدنا إلى بناء منظومة وطنية تربوية تعليمية متميزة عمرها من عمر الأردن قامت على سواعد الشرفاء من أبناء هذا البلد الخيّر , شهد لها القاصي والداني من خلال مساهمتها في بناء منظومة تربوية عربية متطورة , أثرت المجتمعات العربية بالإمكانيات والكفاءات التربوية المتميزة على الصعيدين النظري والعملي عبر تصدير الخبرات إلى مختلف دول الجوار وتزويدها باحتياجاتها البشرية والتربويه المؤهله , عندما كانت تلك الدول مازالت تحبو حبواً على ركبتيها نحو بناء قدراتها التربوية والتعليمية .. في الوقت الذي كنا نتغنى ونفخر بمنجزاتنا التربوية العظيمة والتي وضعتنا في مقدمة دول المنطقة من حيث الكفاءات والخبرة .. لكن الاختلالات التي حصلت في السنوات القليلة الماضية المقترنة بعدم مقدرتنا المحافظة على منجزاتنا , اضافة للتصدع المنظومة القيمية والسلوكية المرتبطة بالحياة اليومية واستهتار المسؤولين بالتعليمات ما ساقهم الى خط القرارات التخبطية العشوائية , وعدم مقدرتهم على رسم السياسات المرتبطة بحاجاتنا .. إضافة إلى الابتعاد عن التطبيق الفعلي الذي يضمن أثرا ايجابياً لمجمل احتياجاتنا التربوية .. وافتقارنا إلى التخطيط الاستراتيجي غير المواكب لروح العصر ومعطياته المتجددة خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا التعليم ، لذا وان أردنا إصلاحاً حقيقياً فلابد من إعادة صياغة جديدة ومتطورة لمنظومتنا لتواكب روح العصر ومتطلباته الحديثة خاصة في مجال المناهج والحوسبة والإدارة المدرسية المتمرسة القادرة على الإبداع والعطاء.. مع الاهتمام بالكادر التربوي المعد إعداداً علمياً وتربوياً جيداً يخضع باستمرار للتحديث والتطوير والمتابعة والمراقبة .. وهذا يتطلب إيجاد هيئات أكاديمية تربوية متخصصة تخرج منتجاً نوعياً قادراً على التعاطي مع العملية التعليمية داخل الغرف الصفية بكل همة ومسؤولية .. إضافة الى استحداث البرامج والمناهج التدريبية المتطورة بالاستناد إلى تجارب الدول المتقدمة التي تقوم على تأهيل المعلمين بشكل يمكنهم من اداء رسالتهم بشكل تام .. فنحن بحاجة ماسة لكوادر علمية تربوية مبدعة قادرة على المواكبة والعطاء العلمي الإبداعي.. وهذا لن يتأتى في ظل اختلالات وقصور المناهج ، والممارسات الإدارية العشوائية، والقرارات والتعيينات المستندة إلى المحسوبية المقيتة .. وهنا تكمن الكارثه التي تقف حجر عثرة أمام أيه توجهات إصلاحية .
أعود إلى التذكير بأن إعادة هيكلة التعليم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعادة هيكلة نظام وفلسفة المنظومة التعليمية التربوية وإصلاحها بدءاً بالوزارة المركز وانتهاءً بالمديريات وإدارات المدارس.. وهذا لن يتم الا بقرار وإرادة قويه.. وان علينا ان ندرك ان الزمن يسابقنا، ونحن مازلنا نبحث عن الارتقاء وظيفيا والبحث عن ارفع المراتب ونتسابق من اجل المنصب ..
مما تقدم .. لا بد من ان نعترف ان هناك تداخلات وتجاوزات في شؤون التعليم ، ولابد من وضع ضوابط وشروط ومعايير محددة تضبط عملية إصدار القرارات والتعينات والتشكيلات.. بعيدا احتساب الدكترة والشهادات العليا مجهولة المصدر , فالمسألة اليوم باتت تتطلب الكفاءة والخبرة والجرأة والمعرفة .. وتشخبص الفوضوية والاختلالات الميدانية ، وتجنب الصراعات الكيدية بين الكوادر االمتسلقة والوصولية وتقصي مسبباتها .. وافساح المجال امام الكوادر التربوية المؤهلة المبدعة , وانتهاج سياسة الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيداً عن الأهداف والولاءات الضيقة، والنظرة المصلحية المقيتة..
وأخيرا لابد اختيار القيادات التربوية القوية بعيدا عن اية مؤثرات اصولية أو منبتية او مناطقية... فالقوة شرط أساس لنجاح وصلاح العمل، حيث الضعيف بشخصيته وقليل الخبرة وقاصر التجربة وضعيف التأهيل يضعف العمل، والقوة شاملة لمعانٍ عدة اهمها نهج الاصلاح والتجديد الذي يريده ويسعى إلى تطبيقه معالي الوزير .. ما يتطلب استبدال القيادات التي انتهت صلاحيتها وما زالت تراوح مكانها بشد عكسي مقيت بقيادات تربوية تعرف دورها تربوياً وإداريا بشكل يمكنها من اداء رسالتها بكل همة ومسؤولية .. قيادات خلاقة جديدة تمتلك رؤى إصلاحية فذه تمكنها من معرفة طرق وأساليب التتعامل مع الميدان بشكل بشعر القاعدة التربوية العريضة والمجتمع التربوي الأردني أن هناك تجديدا وتغييرا وتطويرا ملموسا .
أملنا كبير بمعالي وزير التربية والتعليم الاستاذ الدكتور محمد الذنيبات .. مباركين كل خطواته الإصلاحية وقراراته الشجاعة المستمده من مخزونة التربوي والمهني والمتعلقة بإعادة هيكلة الوزارة ومنظومة التعليم في كافة مستوياتها وقطاعاتها على أسس علمية حديثة مواكبة لروح العصر وتقنياته حتى نستطيع بناء اردن تربوي جديد.. بناءً علمياً وحضارياً راقياً..
والله من وراء القصد