مواقع الانترنت ..صحف..فضائيات ..اذاعات، الاعلام الخاص.. والرسمي، المنتديات، مواقع التواصل الاجتماعي، الصالونات السياسية، المقاهي، عزائم الافطار، مسجات الموبايل والـ "واتس اب".. الوقفات الاحتجاجية، البيانات الحزبية، حواديث الاصدقاء والجيران والاهل بابتهالاتهم ودعواتهم ودعاويهم..دمعاتهم وابتساماتهم من شمال الاردن لجنوبه لشرقه لغربه، كان المشهد المسيطر داخلياً، في تعاطف الاردنيين ووقوفهم ضد العدوان الارهابي البربري على قطاع غزة، وبسالة المقاومة الفلسطينة المحاصرة برا وبحرا وجوا التي تمكنت من دحر عصابات الصهاينة، وتكبيدهم خسائر في الارواح والممتلكات والمعدات، لم يخسرها الكيان البربري العبري، منذ احتلاله فلسطين التاريخية.
غزة واهلها كانت شغل الاردنيين الشاغل طيلة الايام الماضية التي بوركت بشهر رمضان الاكرم، وبالبطولة التاريخية للمقاومين الفلسطينيين الذين سلكوا طريقاً للمفاوضات مغايراً بـ 180 درجة لطريق "اوسلو" المغلق، يعتمد في الدرجة الاولى والاخيرة على رصاص البنادق، وصواريخ المقاومة، في التفاوض مع العدو الاستراتيجي ،بدلا من الاقلام والتواقيع، والقبول بالاملاءات الصهيونية طيلة ربع قرن من مفاوضات لم تجد "شروى نقير".
دلالات الوقفة الشعبية الاردنية التاريخية التي لا غرابة فيها ومنها، تؤكد ان "الشريعة" في الاغوار الاردنية، التي تفصل بين الضفتين، ما هي الا مساحة مائية، يمكن طمرها بجرافة واحدة، وان الدماء التي تجري في عروق الشعبين الشقيقين، لها ذات الخصائص والجينات، وان القابعين في "اكناف بيت المقدس"، وشرقي النهر، مقاومون بجيناتهم..وفطرتهم.. لكل محتل غاصب.
اردنياً، المواقع الاخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي، تحولت الى صفحات غّزية بامتياز، واختفى عنها النمط التقليدي في المنشورات التي يكتبها هذا او ذاك، وصارت السمة الرئيسية الغالبة عليها، غزة ومقاومتها الباسلة، بل وتزامن مع كل صاروخ تطلقه المقاومة على المغتصبات الصهيونية في فلسطين التاريخية، مئات الاف التعليقات التي تنشر .. حتى اصبحت تشكل "اعلاماً تعبوياً" عفوياً كسر الة الحرب الاعلامية الصهيونية وتأثيراتها .!!
رسمياً، لم تستطع الحكومة، ودوائر صنع القرار، استغلال المرحلة، لـ"تجنيد المجتمع الاردني"، تمتيناً للجبهة الداخلية، واعادة رص الصفوف، وتدعيم اللحمة الوطنية، في ظل ظروف اقليمية مستعرة بالنار والبارود تحدنا من جهات اربع، تتطلب من صانع القرار الذكي، ان يلتقط الشارة..ويوجه بوصلته معها.!
نيابياً، الغياب الذي بات صورة نمطية لاعضاء المجلس، لم يعد يثير شجون الاردنيين ولا حتى اقلامهم، فقد اعتادوا على خذلان ممثليهم لهم، بل ومنهم من اعتبر في تعليقات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ان هذا الغياب "حميداً" حتى لا يسجل لهم انهم وقفوا وقفة مشرفة في ظل ظروف تستدعي منهم وقفة ضرورية حاسمة وجادة جدا ..
الاردنييون الذين كسروا شوكة الصهاينة حين توحدوا واتحدوا على طول جبهات القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت.. فكانت معركة الكرامة وانتصاراتها بدايات المقاومة الباسلة ضد المحتلين الصهاينة، وبدايات تباشير النصر التي تستكمل الان في غزة المقاومة، توحدوا اليوم مرة اخرى، ضد ذات العدو الاستراتيجي، مثبتين ان مقاومة المحتل ما هي الا نهج وجينات و"مقاومة استراتيجية" بالمطلق، بل وعقيدة ايمانية، تضرب عرض الحائط بكل الحلول البديلة للقضية العربية الاسلامية المركزية، وتثبت على الارض الان ان بضعة ايام من الصبر والمقاومة، تثمر عن دهر من المفاوضات والخنوع والرضوخ والمعارك الدبلوماسية الفاشلة.
الاردنيون بوقفتهم التاريخية البطولية مع اخوتهم في فلسطين المحتلة، ربما اوصلوا شارات اخرى بان اتفاقية "وادي عربة" كما حال "اوسلو"، ما هي الا اتفاقيات بين حكومات؟!..غير معترف بها لا شعبياً ولا جماهيرياً، سيما وانه رغم هذه المعاهدات، زاد المحتل في غيه وطغيانه، وتوسع بمستوطناته، ولم تردعه لا تواقيع ولا اوراق، بل ويرتكب الان مجازر في غزة وحي الشجاعية، تجعل من يتوافق معه عليها، ومن يصمت عنها، شريكا له في جرائمه!..
مشروعان متناقضان مطروحان للتعاطي مع من يفترض به ان يكون عدواً استراتيجياً.. "المفاوضات" التي بات ذكرها مضحكاً، ومحط سخرية، او المقاومة!..
ملاحظة على الهامش: في الحروب لا يوجد سوى خندقين !