ما معنى ان اكون عربية مسيحية؟
فهمي الكتوت
11-03-2008 02:00 AM
قبل اسابيع تعرضت الى موقف هزّني وجعلني أقف مستاءة لأ تساءل عن معنى ان أكون عربية مسيحية في بلدي الذي ما عرفت وطنا غيره ولا عرف غيره والداي واجدادي واجدادهم من قبلي ؟ ذلك أنّ بعض الأشخاص قد قال لي بأنّه يتعامل معي بحذر، لا بل أنّ رفض التعامل معي كوني مسيحية تؤمن بدين وعقائد بالنسبة الى البعض مخالفة وغير متوافقة مع الدين الاخر؟ ما معنى الوسطية والاعتدال التي قامت عليها الشرائع السماوية؟ والتي تأمر الناس بالتعاون فيما بينهم , حتى لو كان هناك اختلاف في العقائد؟لن ابحث بتفاصيل الموقف الذي صدر عن جهات على درجات عالية في مجال العلوم والتكنولوجيا والذي اضطرني للجوء اليهم كونهم شركات متخصصة في صناعة البرامج والصفحات الالكترونية . لن ابحث بتفاصيل الموقف الذي جعلني اقف اناقش واجادل في مسألة حقوقي وانتمائي وتعزيز وجودي او ان اقف متساءلة عن معنى هويتي وعروبتي ووجودي في هذا الوطن الذي جعل منه الهاشميون البررة وطن العيش المشترك والمساواة الكاملة ولا فرق فيه ان اكون مسيحيا أو مسلما.
هناك وللاسف بعض الأصوليات المتطرفة والتي اعتبرها اصوليات جهل بالدين وجهل بالتاريخ , التي تعمل على التمييز وتحويل التعايش المشترك الى اجواء مشحونة بالتوتر.
ما معنى ان اتهم بافعال الاخرين واساءاتهم التي تهب علينا من هنا وهناك , ان كان رسما أو خطابا, أو فيلما , أو مسرحية أو لعبة اطفال ؟ لماذا تتم محاسبتي عليها وكانني السبب فيها ؟ لم اعلم ان اصولي غربية او دنماركية مثلا ؟ فسر لي يا جدي ويا والدي كيف يكون هذا؟
صدقوني يا أخوتي وأخواتي، انني لا أصدق أنّ ثمّة من ما زال يتعامل مع الآخر من نافذة العقلية المنغلقة والنظر الى الأخر ، من منظار كونه أقلية في وطنه. و بالرغم من العروبة التي تجمعنا , كيف يصغرون عروبتي وتلغي من كتب التاريخ الوجود المسيحي الحافل بالمآثر والأدوار الفكرية والعملية والسياسية والوطنية ، في بناء حضارة ورفعة هذا البلد وفي المنطقة العربية كلها ان كان في مواضيع الاستقلال والتحرر والسعي الى الوحدة , انا هنا لن اعيد التذكير بها ولن اطرحها, لانني لست بموضع محاكمة لكي اثبت فيها عروبتي ووطنيتي , ولمن لا يعرف التاريخ أقول أنّ جهل الآخرين ليس مشكلتي.
نسمع الكثير من الخطابات والشعارات والبيانات والمقالات التي تتجاهل في معناها وجود هذه المخاطر وتستهين بنتائجها التي تنعكس على حياتنا الاجتماعية والعملية.
منذ صغرنا علمتنا الكنيسة الام ثقافة العيش المشترك , المحبة وكرامة الانسان فوق اي اعتبار لا تمييز بين دين او طائفية , ولا مسيحية بأن تكون فوق وطنية او انتماء.
فانا عربية مسيحية وجزء من هذا الوطن ومدافعة عن قضاياه وحقوقه , احترم الخصوصيات وحريات الاخرين , فانا في قلب هذا البلد , وجزء منه، وهو في قلبي وجزء مني، ولا احد يستطيع انتزاعه مني أو انتزاعي منه.
قبل أيام دعيت من الفاتيكان للمشاركة في مؤتمر حول \"كرامة المرأة\" بورقة عمل حول أوضاع المرأة في الشرق الأوسط. وتحدثت بكل موضوعية وهدوء. وقد كنت فخورة بتمثيل بلدي الحبيب في ذلك المؤتمر الدولي. ولم يغب عن بالي أبدا لا في المؤتمر ولا في اللقاءات الصحفية التي أجريتها ، أنّ علينا جميعا أن نعطي الصورة الايجابية والقيم الإنسانية النبيلة التي تجمعنا أسرة واحدة في الأردن الغالي.
أنا عربية مسيحية من هذا البلد وهذا الوطن , دستوره وقوانينه تحميني وتحمي حقوقي وخصوصيتي فلا محاضرة او فتوه او خطبة او رسم كاريكاتوري يستطيع ان يضعني او يستثنيني من ان اكون في اطار الشراكة والتعايش والانتماء للوطن الواحد.
عاش الوطن وعاشت وحدته الوطنية الغالية، في كافة تجلياتها. أمّا من يرى في غير الوحدة الوطنية، أساسا لتعامله مع شريكه الحضاري ، فسامحه الله.
bassima@go.com.jo