في بدايات تأسيس الدولة كان لدينا فوسفات، وبوتاس، وأسمنت، واتصالات، وميناء، و «زعل وخضرة» .. ومع الايام لم يعد لدينا لا فوسفات، ولابوتاس، ولا أسمنت، ولا اتصالات، ولا ميناء.. بينما استطاعت الحكومات المتعاقبة المحافظة على «زعل وخضرة» !!
في لحظات عصيبة من تاريخ الوطن كنّا نعتقد «ام أذينة» زوجة «أبو نصير» لكننا كنّا ندرك أتم الادراك أن «خضرة» هي زوجة «زعل» ، وفي لحظات من الضلالة والجهل اعتقدنا للوهلة الاولى أن «السنيورة» لزقة ظهر بينما لم نجهل للحظة واحدة أن «خضرة» زوجة «زعل» ، في تاريخنا الحديث زاوجنا بين السلطة والمال، ومن ثم بين المال والبرلمان، ومن ثم بين البرلمان والسلطة، وجميعها باءت بالفشل باستثناء زواج «زعل وخضرة» هو الوحيد الذي تممناه باليمن والبركات !!
قانون الانتخاب عدلناه بحدود 20 مرة، قانون البلديات 100 مرة، قانون الضمان 1000 مرة، بينما مسلسل «زعل وخضرة» لم نجر عليه أي تعديل ولو مرة.. دائما «زعل و خضرة» ، مع أن «الخبيزة» لها علينا حق، و«الشمامة» لها علينا حق، و«البطيخة» لها علينا حق، في أن تعجب وتهيم بالفارس المغوار «زعل» !!
حتى الآن استطاع الربيع العربي اسقاط اربعة زعماء وواحد قيد الانتظار.. بينما «زعل» استطاع أن يصمد على شاشة التلفزيون منذ حرب الستة أيام وحتى العدوان الاخير على غزة ! وهنا نسأل برسم الوجع الوطني بما أن «زعل وخضرة» لم يغيبوا عن المشاهدين منذ ان صام اوّل أردني في الشهر الفضيل، الا يوجد للفاضلة «خضرة» أهل يصلون الارحام، ولا يوجد للأخ «زعل» أهل من الواجب ان يولم لهم في رمضان فيعتقونا لوجه الله ولو ليلة من ليالي رمضان، مع العلم ان «عنتر» بهالزمانات زعّل «عبلة» وبينهم أشهر قصة حب بالتاريخ، فمن غير المعقول واحتراما لعقل المشاهد الاردني أن لا ينشب أي خلاف عائلي بين «زعل» و«خضرة» منذ أن دحرنا الصليبيين عن بيت المقدس!!
من المعروف لدى المشاهدين العرب أن «عادل امام» ، «محمد هنيدي» ، «اللمبي» يغيبون في كثير من الاحيان عن أداء أي عمل في رمضان حتى يشتاق لهم المشاهد.. بينما «زعل» هو بطل الكوميديا الوحيد في العالم العربي اللي شكله حالف بالطلاق أنه «مايريح» ولا سنة !!
لدينا تاريخ عظيم، ولدينا بطولات عظيمة، ولدينا تضحيات عظيمة، ولدينا رجال عظماء، وهم لهم الحق أيضا بأن يكون لهم ولو عمل في رمضان نستذكرهم فيه بكل معاني الفخر والاعتزاز، وهي مناسبة لنعيد للذاكرة الوطنية شيئا من كرامتنا المفقودة.
أما أن يحتكر «زعل» ورفيقة النضال «خضرة» تاريخنا وحاضرنا عبر عشرات السنين دون أن يقدموا أي جديد يرتقي لعقل المشاهد الاردني، ووصفي التل في العام لا يظهر على شاشة التلفزيون الاردني سوى عشر دقائق في ذكرى وفاته.. هذا اللي «بزعلك» !
(العرب اليوم)