أعلنت مصادر المقاومة الفلسطينية في غزة سقوط (65) جنديا من جيش الاحتلال الصهيوني أثناء الهجوم البري على غزة ليلة أمس، بالإضافة الى (200) مصاب، اصابات بعضها بليغة وبعضها متوسطة وبعضها خفيفة، وقد اعترفت المصادر «الاسرائيلية» الرسمية بمقتل (27) عسكرياً، ومقتل مدنيين اثنين وعشرين مصاباً، وفي المقابل هناك ما يزيد على (620) شهيداً في صفوف المدنيين وما يزيد على (3700) جريح، وقالت بعض المصادر الاسرائيلية أنها تمكنت من قتل سبعة من جنود القسام، كما تقول الأخبار أنه هناك ما يزيد عن مائة ألف نازح ومشرد داخل غزة.
الأرقام المعلن عنها تعطي صورة واضحة عن طبيعة العدوان وترد على الحرب الاعلامية التي تشنها قوات الاحتلال من أجل تضليل الرأي العام العالمي، عندما نشاهد بحسبة بسيطة أن معظم القتلى في الجانب الصهيوني إن لم يكن كلهم من العسكريين فنسبة القتلى العسكريين الى القتلى المدنيين (2:27)، بينما لو نظرنا الى النسبة على الجانب الفلسطيني فتجد أن نسبة العسكريين الى المدنيين هي (620:10)، فهي معكوسة تماماً، وهذا يعطي دلالة واضحة أن المقاومة الفلسطينية تستهدف العسكريين فقط بينما نجد بكل وضوح أن الجيش «الاسرائيلي» يستهدف المدنيين بشكل مطلق وعشوائي، وأن قدرة الجيش على اصطياد المقاومين صعبة جداً إن لم تكن منعدمة، وهذا يفضح الكذب «الاسرائيلي» بمحاولة اقناع العالم أنهم يستهدفون عناصر المقاومة، وأنهم يحاولون حماية المدنيين وعدم التعرض لهم.
أما القضية الأخرى فهي المتعلقة بأسر الجندي «الاسرائيلي» (آرون) حيث تم عرض صورته ورقمه العسكري، في حين أن العدو لم يعترف رسميّاً حتى هذه اللحظة بفقدان أي جندي من جنوده، حرصاً على معنويات الجيش وعلى معنويات الشعب اليهودي عموماً، وخوفاً من ارتدادات الحملة على المشهد السياسي داخل الكيان الصهيوني، والذي سوف يكون له أثر كبير على مستقبل نتنياهو ومستقبل الحكومة وخريطة التحالفات القادمة.
إن نجاح المقاومة في اختطاف الجندي آرون، يمثل خطوة مهمة للغاية على صعيد التوازن النفسي بين الفريقين وسوف يكون لها أثر واضح على مسار المبادرات والمفاوضات القادمة وتمثل ضربة قاسية للمخطط»الاسرائيلي» الحقيقي.
إن اتساع النطاق الاعلامي في العصر الحديث ودخول وسائل التواصل الاجتماعي على الخط، غيّر طبيعة المعركة الاعلامية، وأسدل الستار على الأساليب العسكرية القديمة التي كانت تحتفظ بالمعلومة، وتمارس اخفاءها وتحجب الحقيقة عن الجمهور، فقد أصبحت هذه السمة من الماضي، مما اضطر الكيان الصهيوني للافصاح عن خسائره أو عن بعضها على الأقل خوفاً على مستوى المصداقية وانهيارها لدى الشعب «الاسرائيلي» الذي بدأ بالبحث عن مصادر أخرى لتلقي المعلومة.
لقد استطاعت المقاومة في هذه الجولة أن تحقق عدداً من نقاط التوازن بكل تأكيد، حيث أنها حافظت على المستوى النفسي المتفوق للشعب الفلسطيني المحاصر، كما أنها استطاعت أن تبني موقفاً فلسطينياً قوياً واضحاً وثابتاً، بامكانات ذاتية رغم الحصار المصري، والخذلان العربي، وخسران بعض الحلفاء السابقين، إلّا أن الموقف البطولي للمقاومة، وقدرتها على ايقاع هذه الخسارة المؤلمة في صفوف الجيش المحتل، استطاع إعادة التوازن للصورة المختلة، كما استطاع أن يفشل الحملة الاسرائيلية التي كانت تهدف الى تحقيق أهداف كبيرة تتمثل باجتثاث المقاومة بشكل جذري، وتجريد الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة من إمكانية بناء الذات.
المقاومة في هذه المرّة سوف تكون أكثر يقظة وفطنة لمخططات العدو وشركائه، ولن ترضى بأقل من رفع الحصار بشكل كامل وفتح المعابر بشكل طبيعي ومستمر لإعادة الحياة الطبيعية للشعب الفلسطيني المحاصر بحدودها الدنيا.
(الدستور)