ما أشبه الليلة بالبارحة يا اسرائيل
أ. د . ثريا ملحس
10-03-2008 02:00 AM
لا تغلقوا دفـّتي التاريخ .
إنّـه كتاب الأمم والأفراد .
الأمم الغبية التي لا تفهم الآتي . ولا تقر بميزان العدالة الذي لا يترك أمّة بلا عقاب أعاجلاً أم آجلاً .
أمّا الأفراد فهم الحكماء الذين منحهم الّله الفهم والرؤيا للحاضر والآتي ، هؤلاء القـّلة الذين يغيّرون الوجوه الكالحة إلى مشرقة . يحولون الفكر المتزمت الحجريّ المتوقد في الزمان والمكان كالصخرة الصمّاء لا تحيد ولا تميد . على عكس ناموس الحياة .
هؤلاء القلة الحكماء الكلاميّون الحجاجّيون يحكّمون العقل في أمور ديناهم . وفي أمور الحيوات كلّها . يقفزون فوق الحدود وفوق السدود . يثورون . يطلقون التنوير والنور والتطوّر والعُمران في كلّ زمان ومكان . هؤلاء يرفضون أن يكونوا رعايا السلطان . يرفضون أن يكونوا بلسانين . بقلبين . بضميرين . يدينون المراء والمراوغة . يرفضون الخضوع للدجّالين السياسيّين . في صدورهم قلوب الأطفال الأبرياء كما في ألسنتهم وحروفهم . يجهرون ما في ضمائرهم بلا ارتباك . بلا تردد . قال لي أحد أقربائي بعد ان قرأ برقيّتي إلى تيمور جنبلاط السابقة في موقع عمون . بارك الله بمن رفع سقف " عمون " عالياً مدى الفضاء : " قليلاً من السياسة " ! فانتفضت بغضب كمن لسعته أفعى رقطاء سامّة . فأنا أرفض أن أكون حرفاً في سطر السياسة . ولن أكون في ركبها . ما أقوله مثلما قلته في جميع ما كتبت سابقاً . وما سأكتبه لاحقاً . فالسياسة كذب ونفاق . ومراوغة . وتمثيل . وباطنية . بلا ضمير . ضميرها يظل يدور ويحور . ويرسو حيث المصلحة فرداً أو جماعة . حاكماً أو محكوماً . ثعلبيّ المنهج . كلّ حرف من هذه العبارة يؤذيني ... فالسين السائدة تحزّ في عنقي كالسكّين .. وحين أهتديت إلى جذرها تبيّن لي صدق إحساسي . فالمعاجم اللغويّة تعرّف الجذر الذي تنطلق منه الكلمة . ساس وسيس عليه أي مأمور عليه . تولّى أمره . من خدّام السلطان وخوله .
سوس لفلان أمراً أي زين له . احتيالاً . سوّل له . روضه . ذلّله . والسياسي يحرّك رأسه ذات اليمين وذات اليسار حائراً كالضبّ لا يعرف السبيل . يقول ما لا يضمر . ويضمر ما لا يقول .. بناء على ما نحوتُ إليه فأنا بعيدة جداً عن السياسة . أنا حرّة بعقل فضائي أجتاز كلّ الآفاق والأجناس والألوان . كما القارات . كما الأكوان .
وقبل ان أخاطب السياسييّن التائهين المتمرّغين في الرمال . المتقزّمين في كلّ زمان ومكان . أعود إلى البزخ لكي أرى الحق الذي أهدروه ساخرين . وأصرخ في وجوههم :
لا تقفلوا دفتي التاريخ .
إفتحوا كتاب التاريخ .
إقرأوا . إقرأوا . لا تمزقوا الاوراق . ولا تخفوا جرائمكم بالكذبة الكبرى . " اكذب . إكذب . حتّى تصبح الكذبة الكبرى " ! هذه عبارة الأمم الغابرة واللاحقة والحاضرة قد يظن بعضهم أنّ التاريخ هو الماضي الذي اندثر . ومن فتح دفتيه تحطم قرناه على صخوره . ونسوا أنهم يزدادون فهماً لطبائع الامم .
أتعرفون أيّها السادة أنّ تاريخ الأمم يصبح عمر الزمان مثل "الدنا" ( DNA) في نسيج الإنسان ؟! أي في " جينات " الوراثة يتوارثون الأبناء الآباء ؟
أتعرفون أنّ مفهوم " الله " أيضاً وهو القوة العظمى خالق الكائنات والأكوان . ينسرب من عروق الأمم إلى عروق إنسانيتها ؟
أتعرفون أنّ كلّ ما يحدث من وحشية ... وتعد ودمار ، ودماء تجري كالأنهار ، ورؤوس تتدحرج . وأشلاء تتناثر أصبحت متوارثة من الأجداد إلى الآباء ، إلى الأبناء . إلى الحفداء والأحفاد ؟!
وأكتفي لأرد عن نفسي كلّ حرف من حروف السياسة مسبّبة النكبات . وأتقي بالله وأعود إلى البرزخ الذي ينتظرني دائماً لكي أبكي بين رحمة الحقّ ... وإنّي لأبكي! وأفتح دفــّتي التاريخ ليسمع سلاطين الأرض صرير الصدأ لعلّهم يوقرون .
ولكننّي سأفعل وأبدأ بعودة يشوع بن نون الذي تغلغل في عروق " أولمرت " وأتباعه . وسأدينهم من تاريخهم الدمويّ من توراتهم .