في عصر الإنفتاح والحريات حيث تَدّعي الحكومة محاربة الفساد والشفافية وملاحقة الفاسدين ودك حصونهم ، وفي الوقت الذي اصبح في حكم الضرورة لغايات الاستمرار اصلاح مواطن الفساد فقد اكتفت الحكومات في الخمس سنوات السابقة بحبس محمد الذهبي ومطارده وهمية للكردي ولم يرد لخزينة الدولة سوى مبالغ بسيطة لم يتم الاعلان عن مختلسيها خوفاً من تلويث السمعة والتأثير على مواقعهم الجديدة التي سيتسلموها بعد أن أصبحوا أكثر إنتماءاً وولاءً فقد مارسوا السرقة والإختلاس أيام كانت ضمائرهم نائمة هذا وقد أفاقت بحمد الله وأرجعوا بعضاً مما اختلسوه فقد برئت ذمتهم واصبحوا أكثر إستعداداً لخدمة الوطن من ذي قبل.
ما يجري الآن على صعيد السلطتين التنفيذية والتشريعية هو قوننة لمؤسسات الفساد بحيث يصعب الحديث عن دمجها أو إلغاءها بحجة الحاجة إلى تعديل هذه القوانين بالتزامن ، وبذلك فقبل إقرار القوانين يجب إلغاء ودمج المؤسسات والهيئات والمجالس والإدارات الموجودة في جسم القطاع العام بقوانين ، ثم نعود إلى إقرار قوانين بالشكل المؤسسي الجديد دون هذه الكيانات المسخ التي استُحدثت لأبناء الذوات على حساب الوطن وقد استنزفت أكثر من 80% من المديونية التي يرزح تحتها المواطن الأردني ، وإذا ما علمنا أن 16,85 مليار دينار تم صرفها على هذه المؤسسات وحتى نهاية هذا العام وبقيت موازنة الدولة تنمو بنفس النسبة منذ نشأتها ، وإذا علمنا أن عجز هذه المؤسسات اصبح يفوق عجز الدولة الأردنية وبالنتيجة فإن خزينة الدولة الممولة من دافع الضريبة هي مَنّ ستتولى تسديد هذا العجز على حساب تفاقم المديونية العامة .
إذا علمنا أن هناك 17 مؤسسة تعمل في مجال دعم الاستثمار وإقامة المشاريع فأي عبئ تتحمله الخزينة علماً بأن هذه الكيانات موجودة للعمل بعكس الأهداف التي أُوجدت من أجلها فهي أحد أهم أسباب امتناع المستثمر من التفكير في الاستثمار عندما يرى هذا الكم الذي عليه التعامل معه خلال مشواره الإستثماري، وبذلك فهي معطل للاستثمار بما يتنافى مع أسباب وجودها .
أوقفوا قوانين الاستثمار ولتكن مهمة السلطتين فقط دمج وإلغاء هذه الكيانات لتتبع الوزارات المعنية والتي تُمارس نفس النشاط ، وأُشددّ هنا على ضرورة رفض قبول أية موازنة لهذه المؤسسات المسخ التي لا هَمّ لها إلا مخصصات البذخ التي أنهكت الوطن.
ماذا تغير من مظاهر الفساد في عهد حكومة النائب المُعارض الرئيس الحالي لوزراء الأردن ؟؟!! فالسفرات والوفود والتعينات والإبقاء على المؤسسات والهيئات والإمتيازات التي تضاعفت للمقربين ، وتشكيل مجالس الإدارة والتنفيعات واستمرار مظاهر الفساد المؤسسي وقوننة المؤسسات، كل ذلك يجري تحت سمع وبصر دافع الضريبة المسكين الذي اصبح الهدف لتمويل كل هذا .
سفرات الأعيان والنواب والوزراء توحي بأن إدارة الأردن ومؤسساته تتم بالريموت ونحن مع استخدام التكنولوجيا الحديثة في الإدارة على أن تكون مسافة الريموت لا تزيد عن 100 كم للمسؤول خارج العاصمة ليتمكن من المتابعة وإصدار التعليمات من بيته و أو مزرعته وتسيير أموره وأمور الرعيه بالتبعية، وتحت شعار إحنا أحسن من غيرنا وشوفوا شو بصير حولينا يكون المطلوب أن ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة والعاقبة للمتقين.