التخطيط التنموي .. قول بلا فعل !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
19-07-2014 06:16 PM
دائماً نقرأ ونشاهد ومنذ سنوات طويلة ترأُوس رؤساء الحكومات لاجتماعات مع نواب المحافظات والمعنيين ايضاً بكل محافظة من اجل تنفيذ مشاريع تنموية بتلك المحافظة ويحتد النقاش حول اولوية المشاريع وكانت هذه الاجتماعات تعقد سابقا ً بالمحافظة الا انه بسبب الربيع العربي ووعي المواطنين لمثل هذه الاجتماعات على انها لا تغني ولا تسمن وانها ليست سوى صورية شكلية كأبر المورفين تدوم لفترة زمنية ثم ما تلبث الا وان تعود الالام والاوجاع الى ما كانت عليه سابقاً مع حكومة جديدة كذلك فان مواطني تلك المحافظات ومن شدة آلامهم اصبحوا يستقبلون كبار المسؤولين بأسلوب آخر غير حضاري لانهم يعلمون ان ذلك كما يقول المثل (ضحك على اللحى ) فلم تعد تلك الاجتماعات تنطلي على المواطن البسيط لذلك تم نقلها في مقر الرئاسة حيث لا يكون هناك اي استدعاءات لمواطنين لكن ما الذي يحدث بالدول المتحضرة .
لقد ظهر في الاونة الاخيرة في الدول الصناعية ومن اجل مواكبة هذه الدول للمتغيرات الكثيرة التي تعصف بالعالم امام تزايد احتياجاته من الخدمات ما يسمى بالفكر الاستراتيجي وان عدم العمل بهذا الفكر الاستراتيجي سيؤدي الى العديد من الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية حيث تتطلع شعوب تلك الدول بتطبيق هذا الفكر لتحقيق مزيد من الازدهار والاستقرار .
والفكر الاستراتيجي يعتمد على الطريقة المنهجية في التخطيط والعمل وترسيخ مبدأ الشراكة والتطبيق في اقل كلفة مادية مع تجنب الهدر في المال العام أي ان الدول المتقدمة المتحضرة الدول الصناعية تعتمد على التنفيذ والعمل بالاهداف والاجراءات وتقييم النتائج في كل مرحلة من مراحل التنفيذ وتقويم المسار في حالة اي انحراف وتذليل الصعاب والمعوقات خاصة بوجود سوق اوروبية مشتركة تذلل لهم الصعاب متكافلين متضامنين ولمواجهة التحديات من دول كبرى اخرى اما التخطيط الاستراتيجي ( كفكر تنموي ) والذي يعد سنوياً من الحكومات المتعاقبة من رؤية وتخطيط للتنمية ودراسات وابحاث وارقام وكتب ومجلدات ومؤتمرات وندوات وورش عمل وزيارات ميدانية واعداد مخططات شكلية اولية واستقدام خبراء كل ذلك ولا نجد اي التزام بتنفيذ تلك الاستراتيجيات او الخطط سوى استهلاك اعلامي واستهلاك للمال العام نتيجة ذلك مما يجعل هذه الاستراتيجيات والخطط فارغة من المضمون واحتمالات انعكاس ذلك يكون غير محتمل في كثير من الاحيان وتترتب عليه مسؤوليات ونتائج لا يحمد عقباها كثير هي الجهات التي تخطط وتوصي وتقترح من دون صلاحيات تخولها التنفيذ او اجبار الجهات المعنية بالدولة بالتنفيذ لدرجة ان الوضع اصبح للمواطنين صوريا ًوشكلياً لا معنى له ولا حتى الاهتمام بأي وفد حكومي او خلافه يقوم بزيارة لاعداد خطط تتناسب واحتياجات تلك المناطق اي اننا نلاحظ ضعف كبير في انجاز المشاريع بالاضافة لعدم امكانية المساءلة او المحاسبة في حالة عدم التنفيذ او الاهمال ترتب عليه الاخلال بالتركيبة السكانية في كثير من النواحي بسبب الهجرة من الريف الى المدن او تفكك النسيج الاجتماعي بسبب الافات المجتمعية وتغول جهات متطرفة كبديل لسد احتياجات ومتطلبات ابناء تلك المناطق مستغلين ضعف اداء الحكومة للخدمات وجودتها او الاهتمام بالتنمية البشرية .
السؤال لماذا لا تتحقق اهداف التخطيط الاستراتيجي رغم تأكيدات الحكومة بأن لديها خطة تنموية يتم رصد المخصصات المالية اليها سنوياً والمصادقة عليها من كافة الجهات المعنية .
وبوجود اموال مرصودة واخرى موعودة ومنح من كل حدب وصوب بمئات الملايين لا احد يعرف مصيرها لا بل نسمع من الاعلام الخارجي انه لم يتم استغلالها بل بنسبة ضئيلة منها لا يلمس المواطنون أية نتائج ملموسة لمشاريع تنموية على ارض الواقع لا على الواقع التنموي ولا التربوي ولا الصحي ولا الثقافي ولا الرياضي ولا الخدماتي كبنية تحتية وندعي بأن الحكومة ادت رسالتها وملتزمة بتنفيذ الخطط الاستراتيجية وفق ما تم الاعداد له ولا احد يريد ان يعترف ان ذلك ضعف بالاداء لتلك الحكومات المتعاقبة وتدني مستوى الاداء وبالرغم من كل ذلك نشاهد رؤساء حكومات بمؤتمرات صحفية يعملون من البحور مقاثي ليشعروا صاحب القرار ان الوضع من افضل الاوضاع .
نتمنى ان نعمل على ترسيخ الفكر الاستراتيجي كسلوك معرفي ونظام حياة لا يتوقف عند حدود معينة ولو كنا قد عملنا به منذ العديد من السنوات ولو بجزء منه حسب الامكانيات المادية لما عانينا من التخلف الكبير في ميادين التنمية والتخلف عن ركب التقدم والتحضر ولما اخترقت التنظيمات المتطرفة عقول الشباب والمواطنين ولكان هناك بناء قدرات مؤسسية بالمجتمعات المحلية بقوى وطنية في مختلف المجالات وتعبئة الموارد البشرية والتأييد الشعبي لهذه الرؤى متسلحة بالشفافية والمصارحة والتشاركية والتوافقية في اتخاذ القرارات من مبدأ الديمقراطية التشاركية حيث يتم تحديد كافة المتطلبات والاحتياجات حسب الواقع بالاضافة لاهمية وجود ادارات للازمات وبمشاركة كافة الجهات المعنية والمنظمات الغير حكومية القادرة على معالجة أي أزمة أو اي اختراق فكري مجتمعي متطرف خارج الإطار الوطني .