استرعى انتباهي موضوع قرأته عن أحد الدورات الخاصة بتطوير مهارات الاتصال والذي تضمن خطوات وتمارين عدة أكثرها نجاعة وتأثيرا ,بشهادة القائمين على الدورة والمشاركين بها، تمرين الصفح عن النفس والمصالحة مع الذات ولأنه ،وعلى حد قولهم، بدونهما يصعب تحقيق هدف الدورة الأساسي وهو الاتصال مع الآخرين. يجري التمرين على النحو التالي: يطلب من كل مشترك كتابة قائمة بالأعمال التي يندم على أنه فعلها في ما مضى و تسبب له الحرج كلما تذكرها , وان يضمن القائمة أسماء الأشخاص الذين أساء لهم و يشعر بضرورة ملحة للاعتذار منهم. السيئ في الأمر انه يتحتم على كل منهم وبغض النظر عن مكانته أن يدلي بمحتويات قائمته على مسمع من الحضور جميعا والأسوأ من ذلك أن يبحث عن الأشخاص الذين أساء لهم ويعتذر للأحياء منهم علهم يسامحونه ويصفحون عنه.
تذكرني تلك الدورة بالعديد من الورشات والدورات التي تقام للموظفين و رؤسائهم في قطاعينا العام والخاص فيتنافس الزملاء في ما بينهم للنيل بالتزكية لحضورها لعلهم يحضون بيوم إجازة ووجبة غداء مجانية في بوفيه احد فنادق الخمس نجوم ويمكن بعض المصطلحات الرنانة التي سيستخدمونها لاحقا فيما لو سألهم احد يوما ما. فتراهم في بهو الفندق متأبطين حقائب رخيصة طبع عليها شعار مجهول الأصل والفصل, غير آبهين بمفتتح الدورة ولا بتوصياتها ولا حتى بمصدر تمويلها و رعايتها!!!...... هل كان الموظفون يا ترى سيتنافسون فيما بينهم ويتوددون لرئيس عملهم لو علموا أن تمرين المصالحة مع الذات سيجري في نهايتها!!!!.
أما عن نفسي ومع اعتراضي على الطريقة البوهمية في تنفيذ التمرين لم أستطع مقاومة التجربة طمعا في المزيد من السلام الداخلي والمصالحة مع الذات والرضا عن النفس و...و..و..الخ من الكلام الذي ياما شبعته من المليونير عمرو خالد وصولا إلى المليونيرة أكثر أوبرا وينفري فقررت خوض التجربة بنفسي وإعداد قائمتي فاختليت بقلم و قصاصة ورق صغيره عثرت عليها بين أوراق مكتبي و بدأت بالكتابة ومع مرور الوقت وانقشاع غيوم الذاكرة شعرت انه كان حريا بي اختيار قصاصة ورق اكبر!!!!... فاكتفيت بذاك القدر وتخلصت من آثار وريقتي هامسة في سري عفا الله يا بنت عما مضى و الحساب يوم الحساب.بل و حمدت الله الغفور و شكرته على نعمة ثقافتنا وما تحويه من أفعال وأقوال كفيلة بأن تريح ضمائرنا و تصفي قلوبنا وترسلنا إلى مهاجعنا بسلام آمنين فتجعلنا راضين عن أنفسنا, متصالحين مع ذاتنا، و متواصلين مع كل من هم من حولنا، فلسنا مضطرين لا للاعتراف و نشر غسيلنا ولا للاعتذار لأحد وبهدلة مقاماتنا. من يحتاج أصلا إلى مهارات الاتصال وخزعبلات دورات الغرب في بلدنا: فالمستورد والتاجر وصاحب شركة المقاولات وآخرون غيرهم ولله الحمد متواصلون وسعادة نائب البرلمان هو الذي اختـُرع التواصل من أصله وجعل له فنون و أسس جديدة تدرس في كليات العلاقات العامة وأما معالي الوزير الأكرم استلم لتوه جائزة التواصل لهذا العام.