دمعة حزينة تحفر بحرقة على خد الزمان
حسن نهار المحاسنه
11-07-2014 09:58 PM
ما اقسى احداث ووقائع الزمن الذي يخطف من بيننا اعزة على قلوبنا بين الفينة والاخرى ، ويجبرنا كارهين ان نودع قريب هنا وعزيز هنا او عزيز هناك ، وتتسارع مع الايام الاخبار الحزينة التي تأسر قلوبنا وتحبس دموعنا وتنحر ابتسامتنا جراء هذا الوجع الانساني الذي يصعب علينا اجتيازه .
صحيح اننا مؤمنون بقضاء الله وقدره وان انتهاء الاجال هي قضية حتمية وحكم رباني لانعترض عليه لاسمح الله ، لكن رحيل المقربين منا لتبقى ذكرياتهم تعصف بالخيال نارا وتحرق اوصال القلوب ،وتلفح بنيرانها كل حكاية وقصة ومشهد عاشه اي منا مع قريب او صديق.
قبل رحيل الزميل الدكتور مولود رقيبات رحمه الله ، كنت قد قمت بالاتصال به لاطمأن عليه وعلى احواله ، خاصة وانه في وقت سابق ابلغني بنيته للسفر بعد نهاية الفصل الثاني في تدريسه بجامعة فيلادلفيا ، علما بانني والدكتور زهير حاولنا زيارته عدة مرات لكن ظروف قاهره تحول بيننا وبينه والتي تحكمت بنا ولم نستطيع التحكم بها لنفي بوعدنا بزيارة اخي الدكتور مولود .
وعندما اتصلت به مؤخرا وكانت المكالمة اليتيمة قبل سفره واذا به معاتبا ، و على غير عادته بصوته الجهوري يقول لي " شو ياخوي ليش بتعمل هيك انت وزهير وتواعدوني بالزيارة ولا تفون بها ، وكان في عتابه حب كبير ومداعبة اخوية نعرفها منه ، وتعودنا على بعضنا بعضا في طريقة واسلوب العتاب الذي محتواه حب وشوق وحنين ... واكمل حديثه انتو شو بدكم تسو لي انا ما بدي اياكم ولابدي اشوفكم اذا بدكوا تظلوا تواعدوا وما تيجوا على موعد الدعوة ، بعدين انتم مش وعدوتوني ثلاث مرات تزوروني و ولم تحضروا . خلاص مع السلامه ما بدي اياكم وطبعا خلال هذه الكلمات وانا اقول له ضاحكا حاضر حاضر حقك علينا وقد اقفل الخط وانا اردد هذه الكلمات وأنا على يقين مدى شوقه وحنينه للقاء بنا خاصة وان لحديثه كان نكهة خاصة نعرفها ، وكل ما قاله كان مجرد حثنا على زيارته .
وبعدها قمت بالاتصال مع الزميل الدكتور زهير الطاهات لاعلمه بزعل وعتب الدكتور رقيبات فقال لي الدكتور زهير ولله يا صديقي حقه وحقه علينا ، وسنقوم بزيارته قريبا ونرضيه واتفقنا على ذلك لكن للاسف سبقنا القدر الى اخينا الحبيب لنتلقى خبر وفاته بموسكو .
وقبلها بسنوات مع الدكتور مولود بحضورالزميل محمد القرعان حيث تناولنا ساندويشات الفلافل ونحن جالسون في السيارة ليلا مطلين على منطقة البقعة نتنسم الهواء الشمالي من على مرتفع اسكان ابو نصير والكلمات والضحكات تذهب هنا وهناك بقصص وحكايات .
وكم اثرت بنفسي تلك الرسالة التي كتبها مودعا بلماذا الرحيل؟ وهي من القواسم المشتركة في افكارنا بتاكيده كما كتب "بان انتمائي للهواء والارض الاردنية لن تغيرها الظروف الجديدة كما لم تؤثر عليها الظروف العصيبة التي عشتها واسرتي في احضان الوطن ليبقى ولائي وانتمائي للاردن الارض والشجر والحجر والهواء والاهل والعشيرة الى ان يقضي الله امراً محتوماً."
وها نحن نودع كذلك الزميل حسام الرباعي مندوب الوكالة في القاهرة وقبله ابن عم لي اسمه مفلح المحسين "ابو عقله "كان يلف لنا حكايات الزمن بطريقته العفوية وحبه للارض التي زرعها وحرثها واكل من غراسها بعد ان يؤدي صلاة الفجر في مسجد ابو بكر الصديق بكفرخل وينطلق سارحا في رحاب الارض وها انا سافتقدك واولادي الذين كان يداعبهم بالرغم من فرق السنوات بينهم وبين ابو عقله الا ان طيبته وعفويته في محبة كانت غريزية في نفسه مما دعا ابنائي محمد ونور الهدى وعبدالله وميار واحمد ونهار يرددون كلما يسمعون اسمه الله يرحمك يا عمو ابو عقله ويرحم جدي وسيدي .