تقييم المؤسسات و القطاعات الوطنية
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
10-07-2014 09:04 PM
اذا كان لي ان الخص اهم ما تعلمته خلال دراستي و عملي لقلت دقة المعلومه و اتقان العمل و برغم ان الاسلام ركز على هاتين منذ نشأته و لكني تعلمتها في الغرب و اجد انها غائبه عن كثير في مجتمعنا.
فدقة المعلومه لم يعد فيها عذرا مع توافر المراجع واما اتقان العمل فله قصة اخرى، فقناعتي ان 90 بالمئه من العمل ينجز في النصف الاول من الوقت و الجهد و اما العشره بالمئه المتبقيه فهي التي تحتاج النصف الثاني من الوقت و الجهد و المعرفه.
اما اذا قيض لي ان الخص ما تعلمته كمواطن من الربيع العربي فاختصره بان اصلاح المؤسسات مع المحافظه عليها اسهل و اقل كلفه ماديه و بشريه من نسفها او الغائها ثم محاولة بنائها من جديد.
لكن كلمة الاصلاح فضفاضة واصبحت تستخدم للاستهلاك اليومي مما يدفعني للقول ان اي اصلاح هو بتطبيق معايير و اهداف محدده تحاسب عليها المؤسسات و القطاعات و مسؤوليها كل 6 شهور تماما كما في الاعتماديات العالميه. وبذلك نلغي المبالغة الإعلامية والنفاق الاجتماعي وتكبير الرويبضه و اغتيال الشخصيه بفرقعات اعلاميه لا قيمه حقيقيه لها.
بناء على الاساسين السابقين (اتقان العمل و الاصلاح وفق معايير) فانني ساطرح اجتهادي كمواطن اردني منتمي في المؤسسات و القطاعات المختلفه مؤكدا ان هذا الاجتهاد يحتمل الخطأ و لا ادعي فيه العلميه و لكن الانطباع. و لكن لقناعتي ان فشل جزء من مؤسسه سيشوه انجازات تلك المؤسسه مهما كانت كبيره فانني امل الخير لاردننا الغالي و شعبه الابي.
قطاع التعليم العالي: ليس منا من ينكر المستوى المتطور الذي وصلت اليه جامعاتنا برغم النقد الذي تتعرض له هنا و هناك فهي بالنهايه جامعات تدريسيه و ليست بحثيه و قدمت للاردن و المنطقه كفاءات علميه لا ينكر فضلها اي منصف. و لكن يبقى ثلاث قضايا يجب حلها الاول العداله الاجتماعيه في الحصول على المقاعد الجامعيه فالفقراء لهم الحق الكامل مثل الاغنياء و ابناء الاطراف لهم حق مسلوب اذا قارنا بين مدخلات التعليم و مخرجات المعدلات التي تتوافر بين المدن الكبرى و الاطراف, القضيه الثانيه هي المحافظه على جودة التعليم و رفع نسبة قبول الاردنيين تنافسيا في الجامعات دون المساس بالموازي الذي يوفر الحاجه الماديه للجامعات لبقائها في ظل ضعف الدعم الحكومي للاسباب التي نعرفها جميعا من الظروف الاقتصاديه الصعبه و عدم و ضع التعليم العالي كاوليه حكوميه, اما القضيه الثالثه فهي العنف الجامعي و الذي تتحمل مسؤوليته الثقافه الاجتماعيه و تدخل المسؤولين و الوجهاء كما تتحمل جزء منه الجامعات.
قطاع التربيه و التعليم: لن ابالغ اذا ما قلت انه اساس هذا البلد و بنيانها و لقد اسس على اكتاف رجال مخلصين و كانت نتيجته مجتمع متعلم منافس و انسان يعتبر ثروة حقيقيه كما كان يؤكدها جلالة الملك الحسين رحمه الله. و لن اعتبر نفسي منافقا ان قلت ان وزير التربيه و التعليم الحالي الذي لا اعرفه شخصيا و لم التقه يوما يعيد القطار على سكته الصحيحه و اتمنى ان لا يعصف به تعديل وزاري او تغيير حكومي. تبقى هنالك قضايا مهمه يجب النظر بها, التوجيهي يحتاج الى اصلاح مع ابقائه بيد الوزاره كعامل اخير في وجه الواسطه و المحسوبيه, القضيه الاخرى محتوى بعض المناهج الذي يعتمد على التلقين الاجوف بدون معنى, كما ان الزامية التعليم يجب تطبيقها بحزم و يجب عدم تدخل لا المنظمات المدنيه و لا غيرها في التعليم و بنيته. بالاضافه لاعادة هيبة المعلم دون الانتقاص من بناء شخصية الطالب. و على كافة مؤسسات صنع القرار بوضع التعليم المدرسي على اولويتها فما دام التعليم بخير فالاردن بخير و اذا ضعف فلن ينفعنا لا ثروات الارض و لا الحلول المجزوئه.
مؤسسة الامن العام مؤسسه كبيره و لها انجازات عظيمه نفاخر بها و نراها في تفاصيل الحياه من منع انتشار المخدرات الى حماية البلد من الارهاب الى الفعاليه العاليه في الكشف عن الجرائم و فك الغازها الى المرونه في التعامل مع الحراكات جيدها و سيئها. و لكن هنالك مجالين لا بد من اعادة النظر فيهما. الاول السير و المرور و اما الثاني منع الجرائم الفرديه.
اما الاولى فان قطاع السير لم ينجح في بناء علاقة ثقه مع المواطن و ما زال القطاع الاكبر ينظر له بمنظر الدافع و الجابي كما ان سياساته المختلفه لم تنجح في تخفيض نسبة الحوادث و ابعاد السائقين الخطرين عن الشارع و ما زالت المواكب تنغص حياة الناس. بالتأكيد انه لا يتحمل المسؤوليه وحده و ثقافة المجتمع لها دور كبير و لكن ادارة السير هي من تملك زمام المبادره للبحث بجديه عن حلول سواء باشراك الوجهاء او النواب او قادة الفكر و الاكادميين في حل هذه المشاكل بعيدا عن التركيز على عدد المخالفات و المردود المالي.
اما الجيش الاردني جوهرة مؤسساتنا و فخرنا جميعا فليس لنا ان ننتقده او نقيمه ليس لاسباب امنيه و لكن لان هذا الجيش اثبت قدرته على التصحيح و التطوير الذاتي و بقي مؤسسه لكل الاردنيين غير مسيس. لم يرفع سلاحه يوما في وجه اخ عربي و لم يكن له اطماع بل بقي جيشا عربيا منتميا لوطنه و امتيه العربيه و الاسلاميه. تبقى انه لم يواكب هذا الجيش اعلام حرفي مهني و لذلك فان الكثير من انجازاته لم تاخذ حقها بل و ظلمت بعض هذه الانجازات بسبب القصور الاعلامي الذي تتحمله المؤسسات الاخرى. نعرف جميعا ان هذا الجيش هو الوحيد الذي احتفظ بالارض المكلف بها في 1948 و انه لو ترك بدون تدخل عربي في الخطط و القياده لاستطاع الاحتفاظ بالقدس في 1967.
هذا الجيش هو نفسه الذي سطر النصر في معركة الكرامه و حمى المقاومه الفلسطينيه ليسرق منه الاعلام العربي الثوري الاجوف هذا النصر و يجيره لغيره متناسيا ذلك الاعلام و مجموعة المنتفعين و ثوريي المقاهي ان اكبر طعنه هي غدر رفيق سلاح تحميه فيطعنك. انه نفس المؤسسه التي اسست لافضل نظام طبي في المنطقه و لم يتوانى عن نصرة الاخوه العرب في 1973 متناسيا الاساءات التي سبقت. انه نفس المؤسسه التي شاركت في حفظ السلام شرقا و غربا و هي نفس المؤسسه التي تقف اليوم حاجزا منيعا ضد كل فكر منحرف يريد بالاردن الشر. اين هي المؤسسات الاعلاميه التي انصفت هذه المؤسسه و نشرت فكرها و رؤيتها.
في الجزء الثاني ساتحدث عن القطاع الصحي بشقيه الخاص و العام و التعليم الطبي.