.. إذا كان علينا أن نصدّق الكلام، وبأن المعارضات التي أختارت الشارع ميداناً أوحد لها تدرك أن البلد محاط بنار الفتنة، وأنه مهدد فإن الكلام لا يكفي، ونحن نعرف أن هذه المعارضات تستقوي بالأخطار الخارجية لتحقق «مكاسب داخلية»!!.
من المعارضات من يعتقد أن «ضغوطها» هي التي حققت إصلاحاً غير مكتمل، وأنها هي التي حرّكت مكافحة الفساد.. تحريكاً بطيئاً، وأنها هي التي حققت رشاد الموقف الحكومي من أحداث سوريا. والآن يعتقد الأذكياء أن استعمال الكوارث السورية والعراقية والفلسطينية، يعطيها مادة «مؤثرة» لفرض «شروطها» في قانون الانتخاب، وقانون الأحزاب.. وغير ذلك!!.
.. ونقول للمعارضات: انكم تدارون عجزكم بالصفير في الليل، وأن ضغوطكم أضغاث أحلام، وأنكم لم تحققوا شيئاً. فالإصلاح كان قراراً اتخذه الحسين، رحمه الله، عام 1989، والانتخابات النيابية، ذلك العام كانت حصيلة دأب حكومي حققته حكومة زيد بن شاكر.. وكان الربيع الأردني سبق الجميع بربع قرن.
إن استعراضاً أولياً لحقيقة المعارضات في البلد، تشير إلى أنها لم تكن وليست معارضات ديمقراطية، فالفكر الديني لم ينشأ على أرضية الدولة المدنية كما نشأت ديمقراطيات العالم التي بدأ بفصل الدين عن السياسة والحكم. والفكر الثوري القومي نشأ في جيب الديكتاتوريات العسكرية.. وأخذ بعد هزيمة حزيران أشكالاً مسلحة ارتدت عن حدود الاحتلال إلى الداخل فمارست الإرهاب المسلح على المواطن وعلى الدولة.
الديمقراطية – وهي فقط الديمقراطية الغربية – لم تكن أبداً أرضية الأحزاب الفاشية، وأحزاب الديكتوريات العسكرية. وهي تلبس ثوب الديمقراطية لتخفي أنيابها ومخالبها القديمة، وتنتظر ظهور ديكتاتوريات جديدة لتضع نفسها في خدمتها!!.
لا تملك الأحزاب بمعارضاتها المختلفة ما يقنعنا بأنها أحزاب ديمقراطية، والدليل هو هذه المقاطعة لكل للانتخابات.. ولكل حوار تدعو اليه الحكومات, والبقاء في الشارع لاعتقادها أنه مصدر قوتها.. حتى بدأ الشارع يفرغ وينفض من حول الكاميرات التلفزيونية. فقد اكتشفنا أن البعض استبدل العسكر بالمال النفطي العربي وغير العربي!!
الكلام عن بناء الجبهة الداخلية للدفاع عن الوطن المهدد لا يقنع بأن حليمة تراجعت عن احلامها القديمة. فالجبهة الداخلية قائمة, وصلبة وقادرة على التعامل مع الاخطار الخارجية والداخلية.. وهي ليست بحاجة الى احد!! ويكفي أن نعرف أن وجود الدولة غير قائم في هذه المنطقة الا على الحدود الاردنية.
وأن قواتنا المسلحة هي التي تستقبل مئات الالاف من المشردين عن وطنهم. وتوفر لهم الملاذ والطعام والماء والكساء والمدرسة والمشفى. وأن الاحزاب والمعارضات اياها تجمع التبرعات القليلة وتذهب بها الى دمشق لاغاثة «اخواننا» السوريين, والسوريون بينهم, وعند ابواب بيوتهم, وفي شوارعهم. او تذهب لها الى غزة عبر دورة مذلة.. والغزيون غير بعيدين عن قوافل الخير الهاشمية, والمستشفيات العسكرية الاردنية التي تعمل في غزة.. ورام الله وجنين!!
نتمنى على المعارضات العبثية أن تخرج من الشارع ومن حالة الحرد الطفولي, وتجد لنفسها مكاناً لائقاً بالعمل الوطني. فالحكومة الاردنية ليست عدوكم. والنظام السياسي هو الذي يوفر لكم المكان الآمن لرفع اصواتكم. والشعب ليس معكم لكنه شعب يحترم الديمقراطية ويترك لكم مسرحياتكم دون نظارة ودون متفرجين!!
(الرأي)