نعم للفيتو لإنهاء احتلالات إسرائيل
د.حسام العتوم
07-07-2014 01:53 PM
لقد طفح الكيل ودق كوز التمادي الإسرائيلي بالجرة العربية عدة مرات وكان آخرها وعلى طريق مسلسل مرعب قادم اقتياد الطفل الفلسطيني محمد أبوخضير 16 عاماً من قبل شتات يهود المستوطنات وسكب البنزين في فمه وهو حي ثم إحراقه ورميه على قارعة الطريق هنا في الجوار الفلسطيني الشقيق رداً على مقتل مستوطنين ثلاثة كما ورد في الأعلام وكأن إسرائيل الكيان والدولة غير الشرعية بريئة في تاريخها من القتل والتدمير والتخريب وهي التي قتلت بدم بارد أهم قادة (فتح) وعلى رأسهم الشهيد ياسر عرفات، وأهم قادة حماس ومن أبرزهم الشهيد أحمد ياسين وغيرهم من المنظمات الفلسطينية الأخرى وهي التي لا زالت تقتل من الفلسطينيين يومياً وتزج في سجونها خيرة شباب فلسطين وتحتل كامل التراب الفلسطيني والقدس الشريف وترفض حق العودة وتبقيه لليهود فقط، وتؤجل حق التعويض وتتماطل به أيضاً، وتعمل على نشر المستوطنات ليلاً ونهاراً وأمام أعين أهل فلسطين والعرب والعالم وعلى تهويد فلسطين التاريخية 1948 والحديثة 1967 والتي هي فلسطين واحدة بكل المعايير بالطبع وفي نهاية المطاف، وتمنع قيام الدولة الفلسطينية إلا بشروط إسرائيلية تمزق أرضها ووحدتها الديمغرافية، وهي أي إسرائيل لا زالت تعتبر نفسها دولة بلا حدود وتتغنى بمقولتها التوراتية السرابية (من الفرات إلى النيل أرضك يا إسرائيل) فلا زالت تحتل الجولان السورية ومزارع وهضاب شبعا اللبنانية عينك عينك وبوقاحة سياسية وعسكرية واضحة يمكن رؤيتها تحت الشمس.
إن كل ما سبق وذكرته هنا كمراقب سياسي وإعلامي عربي يجري الآن تحت مظلة الرعاية الأمريكية التي نتمنى عليها أن تنحاز للحق وأصحابه وأن تعيد السيف إلى غمده وهي التي تقود من وجهة نظرها خارطة العالم والحرب الباردة مع الشرق الروسي تحديداً وتدعي العكس، بينما هو مصطلح الحرب أُزيل من قاموس الدول غير المنحازة والمستقلة التي بدأت تجدف باتجاه عالم الأقطاب المتوازنة والمتعاونة والمرتكزة في حراكها على قوانين مجلس الأمن والأمم المتحدة وحقوق الإنسان وعلى فتح أبواب الأسواق الاقتصادية من دون الحاجة لافتعال الأزمات والحروب الدولية وإرهاق خزائن الدول والشعوب بقضايا سباق التسلح، وفي المقابل على أمريكا بالذات أن تنصف الشرق العربي الوحيد الذي يعاني من الاحتلالات الإسرائيلية المرفوضة قانوناً وأخلاقاً بعيداً عن تأثيرات اللوبي الصهيوني في داخلها بواسطة منظمة (ايباك) للعلاقات الخارجية أو من خلال البنتاغون كمؤسسة أمنية مسيطر عليها منه أيضاً، أو عن طريق قادة وأحزاب تل أبيب وسط شرقنا، فهل ستستمع الولايات المتحدة الأمريكية لنداءات العرب في القرن الواحد والعشرين؟
إن ما يدهشنا نحن العرب هي سياسة العصا والجزرة التي تنتهجها إسرائيل في المقابل أيضاً مع الدول العربية التي وقعت سلاماً معها ومع تلك التي تنتظر أو التي أبعد في التماس الجغرافي معها، وإساءاتها المتكررة بنفس الوقت للوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات في فلسطين رغم ورود الحصانة حولها في نصوص اتفاقية وادي عربة عام 1994، فنراها تعتدي على أهل فلسطين كلما أتيحت لها الفرصة بذلك، وتمنعهم من الصلاة في القدس، وترتكب أبشع الجرائم بحقهم وسط صمت الراعي الأمريكي الذي ندعو الله له أن يغيّر من سياسته الخارجية ومن بحة صوته الصهيونية وأن يصبح صديقاً حقيقياً للعرب ويبتعد عن تقليد سياسة (حاميها حراميها) خاصة والجيل الجديد في المنطقة والعالم متعلم ومثقف ويقرأ تحت السطور ويتابع ويفصل بين الغث والسمين، وزيارات وجولات جون كيري وزير الخارجية ا لمكوكية الشرق أوسطية غدت مملة وبلا طعم ولا رائحة، وأصبحت تشبه من يدور ويلف حول نفسه في مكان مغلق ضيق وعندما يرى مخرجاً يعود لواشنطن سالماً وبلا نتيجة حتماً، وأمريكا حسب اعتقادي المتواضع تحتاج لمن يصارحها ويواجهها بالنقد البناء لا لمن يجاملها بإنجليزيتها مباشرة أو عبر الترجمة الصحيحة.
الـVito مصطلح لاتيني قدم إلينا مع نهاية الحرب العالمية الثانية 1945، وثم منح خمسة أعضاء دائمين من مجلس الأمن من أصل (15) عضواً حق النقض شملت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وبريطانيا وفرنسا الصين، وكان هذا في أتون الحرب الباردة بين الغرب بقيادة أمريكا والشرق بقيادة السوفييت، واستخدمت موسكو حق الفيتو (120 مرة)، أما الولايات المتحدة فاستخدمت (77 مرة) منها (36) لحماية إسرائيل، واستخدمته بريطانيا (32 مرة) إلى جانب أمريكا، واستخدمته فرنسا (18 مرة)، والصين خمس مرات، وتنافست موسكو وواشنطن على استخدامه لإحباط بعضهما البعض، ووقفت واشنطن (36 مرة) في وجه قرارات تنتقد إسرائيل أو تطالبها بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 أو رفضت إدانة إسرائيل لحرقها المسجد الأقصى أو لاغتيالها الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس عام 2004، وفي عام 2011 أفشلت الولايات المتحدة مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي رغم موافقة 14 عضواً عليه، وفي عام 1976 لجأت الولايات المتحدة لحق الفيتو ضد مشروعي قرار كانا يطالبان بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
(الفيتو) لصلاح انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 امتحان حقيقي الآن لنوايا أمريكا السياسية وفصل حقيقي يبين حراكها السياسي وحراك إسرائيل المشابه المزعوم والمراوغ، وفيه إلغاء للعلاقات الجيوبوليتيكة غير العادية وغير الطبيعية بينهما لدرجة تحولها إلى مثلية مرفوضة وغير مستقلة وتهميش لمكانتها القوية لمجلس الأمن، وأمن إسرائيل يتحقق ليس بامتلاكها لأسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها النووية، وبحجم (20 رأساً) وأكثر ولا بعلاقتها مع حلف (الناتو) بقيادة امريكا، وإنما بقبولها بالحلول السياسية العادلة الضامنة بكامل حقوق الفلسطينيين والعرب المجاورين لها والبعدين عنها في العمق الإسلامي والمسيحي خاصة في موضوع إزالة الاحتلال عن القدس الشريف، فهل نجد آذاناً صاغية في إسرائيل وأمريكا أو في مجلس الأمن؟ دعونا نتأمل بزوغ شمس الحق والحقيقة والأجيال المتلاحقة تنتظر.