معروف عن تنابلة السلطان في التاريخ انهم فقدوا حتى القدرة على تحريك اصابعهم، فقد تبيض الذبابة على انوفهم ولا يحركون ساكنا لطردها، وحسب نظرية داروين خصوصا في تجاربه عن النمل فان هذه الكائنات تموت وتتعفن ولا تجد من يكرمها بالدفن!
والتنبلة لها مجالات عديدة، وان كانت السياسية ابرزها، فالتنبل يركن الى من يفكر نيابة عنه ويحلم نيابة عنه ويحارب باسمه ويصالح باسمه ايضا وهو آخر من يعلم.
ذلك لانه منزوع الدسم الآدمي وفاقد للارادة والمناعة معا!
وهو بمرور الوقت يتحول الى امعاء تسعى كالثعابين، لانه مدرج في قائمة الاحياء الموتى، مقابل كائنات اخرى مضادة تواصل السهر في قبورها لانها من الموتى الاحياء.
وللتنبلة فقه وفلسفة ومنظرون رغم انهم لا يسمون هذا الوباء الاجتماعي باسمه الصريح، ومن اطلق شعار (لا تفكر لها مدبر) اساء حتى الى العقيدة التي ينطق باسمها لانه توكل ولم يعقل ناقة او بعيرا!
من مقدمات فقه التنبلة الامتثال لعدة امثال ومواعظ تتلخص في ان الانسان الذي ينجو هو الذي يمشي بمحاذاة الجدران صامتا.. لان لها آذانا قد تشي به.
ومن تلك المقدمات ايضا وعظ الانسان بان يكون تلميذا نجيبا للفأر أو السلحفاة واحيانا للحرباء كي يبدل جلده كلما استشعر الخطر، فهو مع الله والقيصر معا وبالدرجة ذاتها وهو مع الخوذة والعمامة بالدرجة ذاتها ايضا. يساري ويميني ووسطي واشتراكي ورأسمالي.
ومتدين وعلماني، فالمهم اخيرا هو الغاية أما الوسائل فلا بأس من استبدالها في كل لحظة.
ازدهرت التنبلة في تاريخنا عندما حلت القطعنة مكان المواطنة، والرعية مكان الشعب. فسادت البطالة السياسية واعقبها استنقاع ثقافي، فاصبحت المغامرة محظورة، وصار الاتباع بديلا للابداع.
وتعد التنبلة كظاهرة يتحالف فيها النفسي مع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في مراحل تصبح فيها الهوامش أهم من المتون.
ويحدث انفصال جذري بين الخاص والعام، بحيث يصبح الفرد مقياس كل شيء، انها سوفسطائية تصدر بطبعة جديدة وباللغة العربية الفصحى هذه المرة وليس باللغة اليونانية.
والسكوت عن ظاهرة التنبلة معناه الوحيد التواطؤ والانحياز اليها اما الشعار فهو لا تحاول، وليس بالامكان افضل مما كان وعلى الفرد في جمهورية التنبلة ان يغلق الباب الذي تأتي منه الريح كي يريح ويستريح رغم ان العاصفة ستخلع الباب من جذوره وكذلك ساكنيه!!
(الدستور)