لقد كان شهر رمضان وما زال وسيبقى شهراً لإعادة التقييم في ما قدمه الإنسان من عبادة سابقة ؛ وموسماً لتصحيح بعض الأخطاء والهفوات لنفس بشرية كانت ولا زالت آمارة بالسوء تارة وبعيدة عن الحق تارة أخرى ، وبعيداً عن الجانب الديني الأكثر أهمية ؛ الأقل متابعة لدى البعض الكثير في خضم مئات الأحداث التي ترافق الشهر الفضيل من مسلسلات وسهرات وحفلات وأمسيات فإن لمسلسل باب الحارة وقع بليغ على الشارع العربي عامة وعلى الشارع الأردني خاصة ؛ ومن باب الصدق في تناول الحدث والتعامل مع الخبر فلا أعلم عن هذا المسلسل إلا إسمه ولكن الردود التي ترافق الحدث عبر المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تمكن المتابع من تقييم الأداء في كثير من الحالات.
لقد أدخل مسلسل باب الحارة المشاهد الأردني في زوبعة من الحيرة والإندهاش في حجم التناقضات والسلبيات التي يشهدها المسلسل سنوياً والتي كان الأصل فيها تطوراً في الأداء وزيادة في الحرفية في التعامل مع الأحداث ؛ وأداء بعض المسؤولين الحكومين أشبه ما يكون بمسلسل باب الحارة فمع مرور السنوات وتغير الشخصيات يبدو جلياً في النهاية أن النتائج ضعيفة وأن المواطن قد صدم وأنه كان يتوقع أفضل من ذلك فالمواطن كان ولا زال ينتظر المزيد من الإبداع والتطوير والتحديث لا التقليد والتشويه والتسكين.
جاء أبو عصام وذهب أبو شهاب ومن ثم جاء معتز وغاب أبو عصام ومن ثم عاد أبو عصام للساحة ...... الخ !! تذكرني هذه الشخصيات بما يحصل في واقع العمل السياسي في بعض الأحيان فوزير سابق تعج المواقع الإلكترونية بأخباره وآخر لا يدري عنه الناس شيئا ؛ وبين رئيس للوزراء ووزير ونائب ورجل أعمال وغيرهم من الشخصيات المرغوبة وغير المرغوبة يبدو المسلسل الإصلاحي أكثر مللاً فبطل الجزء الرابع ابو شهاب والخامس ابو عصام والسادس معتز ومن المفارقات ان البعض قد غاب عن هذا المسلسل لخلاف مع ممثل آخر في دور البطولة بمعنى أن فقدان العمل التشاركي وتوزيع الأدوار بالشكل المثالي وعدم التركيز على شخصية واحده على حساب باقي الشخصيات هو الذي أفقد هذا المسلسل بريقه فبدا الناظر متذمراً على مايراه من أحداث ومتردداً في متابعة حلقاته مما يقودنا للحديث هنا عن عزوف الكثير عن الحياة السياسية والحزبية وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية ؛ فتبعثر الأفكار وتعدد الأخطاء والحديث عن بعض المواضيع منذ سنين عديدة في نفس الاتجاه يبدو للبعض انه اضحى من ترف الحديث اللغوي.
إن غياب بعض الشخصيات المؤثرة بشكل كامل عن الساحة أو بالأحرى تهميشها لوجود بعض الخلفات هنا وهناك مع بعض المسؤولين على الرغم من مردودها الايجابي اصبح غير مقبولا فالمواطن لن يغفر للمخرج أو المنتج تهميشه لشخصية هنا أو هناك فهو يبحث في النهاية عن المردود الذي يجعله على قناعة بما يدور من حوله من أحداث.
إن سياسة إكمال العدد ووجود بعض الشخصيات التي لا تمت للعمل الدرامي بصلة وقس عليها العمل الاقتصادي أو السياسي أصبح واقعاً مزعجاً ؛ فالمواطن اليوم أكثر قراءة للأحداث من حوله ولديه القدره على ربط الأحداث في بعضها البعض أما سياسة التسكين والإلتفاف التي يمارسها البعض بدا أنها غير فاعلة وأن مردودها السلبي بات واضحا للعيان.
ختاماً يجب أن يدرك البعض على أن سياسات تجميل الواقع عبر ابر الفيلر والبوتكس والسيلكون وعبر استقطاب من يدري ومن لا يدري وغياب الحرفية والموضوعية وضعف الهيكل الذي يتم من خلاله تحقيق العمل الجماعي لن يقود إلى إلا مزيد من النفور والبعد وضعف الثقة.