لماذا تراجعت اليابان عن الاعتراف بجرائمها الجنسية في جنوب شرقي آسيا
محمد مناور العبادي
06-07-2014 05:00 AM
للمرة الأولى في التاريخ، يحدث إن تكتشف دولة عظمى مثل اليابان ، أن"بيان حقائق" أصدرته قبل نحو21 عاما، تعترف فيه بجرائم حرب جنسية،ارتكبتها قواتها خلال الحرب العالمية الثانية، ضد قرابة مائتي ألف فتاة بحاجة الى مراجعة، رغم آن العالم، والحقائق على الأرض، تؤكد هذه الواقعة التي لم يرتكبها جيش قط، منذ ان خلق الله الأرض ومن وما عليها.
اذ بعد سبات طويل، استغرق اكثر من7600 يوم ، استيقظت السلطات اليابانية لتقول للعالم، انها ستعيد النظر ب "بيان كونو" الذي اعترفت فيه، بعد نفي استغرق قرابة نصف قرن، بان الجيش الياباني امتهن شرف وكرامة وعذرية فتيات بريئات، في الصين وكوريا الجنوبية والفلبين وإندونيسيا وتايوان، وأجبرهن على ممارسة البغاء مع قواته، للترفيه عنهم حين احتل هذه الدول خلال الحرب العالمية الثانية.
لم يأت الاعتراف الياباني حينذاك بسهولة، فقد استمعت لجنة رسمية يابانية، وعلى مدى ثلاث سنوات، إلى شهادات عشرات النسوة، اللواتي تعرضن للاغتصاب، وتأكدت اللجنة من حقيقة ما استمعت إليه، ودرست العديد من الوثائق حول جرائم الحرب الجنسية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الياباني، وأقرت مضمونها، فأصدرت بيان "كونو" التاريخي المعروف الذي يعترف بكل ذلك اعترافا لا لبس فيه .
وقامت لجان دولية تابعة للأمم المتحدة وعلى مدى سنوات بدراسة بيان " كينو" وأقرته تماما، مما جعله يكتسب شرعية دولية، تضاف الى شرعيته الاسيويه والتاريخية والواقعية. بل ان البيان الياباني كان ناقصا،ولا يعترف بويلات ماقامت به القوات اليابانية في اسيا حيث قتل أكثر من 20 مليون شخص في جرائم حرب لايمكن ان ينفيها احد .
كما نشرت الصين وكوريا الجنوبية ودول أخرى وثائق تاريخية على الإنترنت، بالصوت والصورة تثبت تورط اليابان في هذه الجرائم .وستقدم المزيد من الوثائق والشهادات للرأي العام العالمي والمنظمات الدولية لإجبار اليابان على الاعتراف بما فعلته قواتها والاعتذار للضحايا وتعويض ضحايا اليابان عما اقترفته قواتها .
ورغم إن اليابان تقول إنها اعتذرت ثلاث مرات عن جرائمها، ألا ان هذه الاعتذارات ليست كافية، اذ كانت شكلية ولم يترتب عليها محاسبة او معاقبة مجرمي الحرب اوتقديم تعويضات للمتضررين من ضحاياها .
ويجيء قرار السلطات اليابانية بمراجعة "بيان كونو" الاعترافي ،في اطارسياسات واجراءات يابانيه تؤكد ان الجناح القومي المتطرف في اليابان، يحكم سيطرته على البلاد ويتجه بها نحو مسارات الدم وجرائم الحرب السابقه .
فقد زار رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، ضريح «ياسوكوني» الذي يضم مقبرة لنحو مليوني ونصف مليون جندي ياباني سقطوا في الدفاع عن الإمبراطورية اليابانية خلال الحرب، تكريما لهم، وتقديرا للمجازرغير المسبوقة في التاريخ ،التي ارتكبوها، في رسائل للمجتمع الدولي بان اليابان وفية لماضيها الأسود الملطخ بجرائم الحرب، وانها ستواصل السيرعلى نهجهم .
وتاتي هذه الزيارة التكريمية، ترجمةعملية لقرار ياباني اتخذ مؤخرا، يؤكد انها ليست انسانية،بل سياسية، وتأتي في اطار نهج استعماري جديد تنتهجه الادارة اليابانية الحالية. فقد اتخذت اليابان مؤخرا قرارا غيرمسبوق، يعتبرالاول من نوعه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حين أعلنت انتهاء سياساتها السلمية في العالم التي انتهجتها بعد الحرب، وأنهت حظراً فرض منذ عام 1945 ،يمنع جيشها من المشاركة في أي حرب في الخارج. ويتيح القرار الجديد للجيش الياباني احتلال اية دولة والمشاركة العسكرية في عمليات حربية خارج اليابان .
وهكذا فان اليابان تتجه وبقوه نحو العودة للحقبة الاستعمارية، في الوقت الذي يعاني فيه العالم من توترات اقليمية،ودولية تفرض علي عقلائه تجنب الحرب وأسبابها. لكن متطرفي اليابان اختاروا ان يقفوا الى جانب "مجانين" الحرب في العالم، لتدخل سباق تسلح عالمي ، يهدد باشعال الحروب بدلامن ادامة السلام..
وفي لقاءات مع عدد من قادة الفكر والسياسيين الأردنيين، استهجنوا السياسات اليابانية الجديدة التي تضع اليابان في صف الدول الاستعمارية،وأعربوا عن دهشتهم الكبيرة من ان تقود حكومة يابانية متطرفة، شعبها الى ماقاده اليه قادة متطرفون كان مصيرهم الى مزابل التاريخ .
وأشادوا في نفس الوقت، بقدرات الشعب الياباني المسالم، الذي بني دولة حضارية ديمقراطية، على أنقاض أخرى ديكتاتورية مستبدة، عقلها يحكمه السلاح، في حين إن العلم والحكمة والحنكة ومحبة الآخرين، تحكم عقول الشعب الياباني الرافض معظمه لسياسات حكومته الاستعمارية، كما أظهرها احدث استطلاع ل ":الرأي العام " هناك .
فهل تعود اليابان عن سياساتها الجديدة حتى لايدفع شعبها الثمن قبل غيره من شعوب المنطقة ؟؟