في أي بلد متحضر لا يسمح فيه لأحد في الشارع العام بإيذاء الناس أو إزعاجهم , أما عندنا فالوضع مختلف , فالضجيج والإزعاج صار عادة يومية وهواية لدى البعض , وتقابل بالتسليم , فيما ذلك الضجيج المنبعث من تلك المفرقعات اللعينة تظل تلاحقنا أينما ذهبنا , لتؤذي العابرين في بيوتهم وفي نومهم وأحلامهم إن كانت لا تزال لهم أحلام , ضجيج يخشب حواسنا بنشازاته وأصواته حد المرض , ضجيج يخضع لمنطق الاستخفاف بصورة عامة ولا ينظمه ضابط في صورة العلاقة الفردية بالعلاقة الجمعوية .. فالبعض يفتعلون الضجيج في المجتمع وضد المجتمع حتى بعض الصامتين منهم .
إنها ظاهرة مزعجة ومقلقة باتت تشكل ضرراً بالغاً على الصحة والسلامة وعلى البيئة , وما تسببه ايضاً من إقلاق للسكينة العامة , حيث رواج المفرقعات والإسراف في استخدامها، في ظاهرة تشكل انفلاتاً واضحاً عند الكبير قبل الصغير بادعاء التعبير عن الفرحة والابتهاج , فمن منا لا يشهد يومياً انتشاراً واسعاً لتلك المفرقعات والفتيش , مما يؤدي إلى تبعات وعواقب مقلقة ووخيمة أهمها الإشكالات والتوترات اليومية الحاصلة في العلاقات بين أبناء الحي الواحد أو الجيران او حتى الأسرة الواحدة .. في وقت تقف الجهات المسؤوله مكتوفة الأيدي بالرغم من وجود قرار حكومي بمنع استيراد هذه المواد وتداولها , لكن لا تزال أسواقنا تعج بمختلف أشكالها وألوانها فتجدها في المكتبات والمحلات التجارية وحتى البسطات ، ويتم تسوقيقها بشكل علني , دون رقيب او حسيب , ولو تساءلنا عن سبب هوس بعض التجار في تداولها ذلك لما تجلبه هذه المفرقعات من ربح يضاهي أضعاف المنتجات الأخرى , ما يشكل جشعا عند الكثير منهم بغض النظر عن أخطارها ومسبباتها , وللأسف أن ذلك يحدث على مرأى ومســمع الجهات المســؤولة وفي غياب واضح للأجهزة الرقابية , مع أن ذلك يشكل تحدٍ صارخ ومخالفة صريحة للقرار الصادر بهذا الشــأن من قبل الجهات المعنية في الدولة.
لقد بتنا على موعدٍ سنوي في شهر رمضان المبارك ، مع ظاهرة المفرقعات والفتيش , ما يشكل إقلاقاً للصائمين , وتعريض الناس للضرر النفسي والتوتر , وتلك معصية كبيرة في الشهر الفضيل , شهر الرحمة والمغفرة , فما يحدث مخالفة للدين والشرع وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف , الذي نهى عن الإضرار بالناس , وعن إقلاق وتوتير كبير السن والعاجز والمريض والطفل والرضيع , في الشوارع وداخل الأحياء السكنية وفي الردهات والعمارات ، لكن .. وبكل أسف أن حدوث تلك التصرفات غير السوية يتكرر دون اعتراض العديد من الأسر التي تفرح لفرح أبناها بها , رغم أنها تؤذيهم وتلك معضلة وخلل في شأنهم العائلي والتربوي .
إننا كمواطنين نضع المسؤولية على الجهات ذات العلاقة لضبط المخالفات والممارسات الخاطئة التي تضر بالسكينة العامة وبأمن المجتمع واستقراره، وذلك من خلال معرفة نوعيات المنتجات المستوردة .. وضبط المحظور اســتيراده من تلك المنتجات الضارة غير المصرح باســتيرادها إضافة لدور التوعية الاعلامية و المجتمعية من خلال حملة توعوية تنبه بمخاطر تلك المنتجات على الإنسان والبيئة عبر مختلف الوسائل الإعلامية وكذلك من خلال خطباء المساجد.. اضافة لدور الاسرة الذي يعتبر عاملاً أساسياً مهماً في توعية وإقناع ابنائهم بخطورة استخدام تلك المنتجات وما يمكن أن تسببه لهم وللآخرين من أذى وتعرضهم للخطر.
وأخيرا فإننا نحتاج من أجهزة الدولة المعنية والجهات المسؤولة متضامنة تنفيذاَ فعلياَ لقرار منع المفرقعات والقيام بواجبها في ضبط عملية الاستيراد .. إضافة إلى وضع الاحتياطات اللازمة ضد تهريبها كما ويجب تنظيم حملات تفتيشية مفاجئة على آماكن بيعها وإتلاف الكميات المضبوطة وفرض العقوبات والغرامات على سواء التجار أم من المواطنين ، وذلك تأكيداً لمصداقية التنفيذ الفعلي للقرار ، وعدم السماح لأحد بانتهاك هذا القرار اعتماداً على ما لديه من نفوذ، حيث يفترض أن يكون أولئك قدوة حسنة لجميع أفراد المجتمع في احترام الأنظمة والقوانين.
تلك هي القضية وننتظر بفارغ الصبر أن تبادر الجهات المسؤولة بتفعيل قرار منع المفرقعات النارية دون تهاون أو تساهل حرصاً على المصلحة العامة حتى يعيش المواطنين في هدوء وسكينة آمنين.
ودمتم سالمين..