مر عام كامل على الانقلاب الأسود، الذي نفذه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ضد الدكتور محمد مرسي، اول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث، مما قلب الأوضاع في مصر رأسا على عقب، وخلط الاوراق في المنطقة كلها، مع محاولة الانقلابيين اعادة مصر والعالم العربي إلى عصر ما قبل الربيع العربي.
هذا الانقلاب الدموي الأسود دفع مصر إلى أتون أزمة طاحنة ومزلزلة، لانه قاد إلى فقدان التوازن في العالم العربي الذي يعاني من الاختلال اصلا، واغرق مصر والمنطقة في مستنقع من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار.
تظهر جردة حساب أولية لعام من حكم العسكر والانقلابيين الحصاد المر لهذا الانقلاب خلال 12 شهرا فقط، وهو العام الذي اطلقت عليه الوكالات الدولية، ومنظمات حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني، "الحقبة الاكثر سوادا في تاريخ مصر الحديث"، فقد قتل الانقلابيون ما يزيد عن 6000 مصري بريء، وجرحوا ما يزيد عن 20 الف اخرين، واعتقلوا اكثر من 42 انسان بريء، وحكموا بالاعدام على 1400 شخص على الاقل، ومات تحت التعذيب عدد غير معروف، وبلغ عدد الاطفال المعتقلين في سجون الانقلابيين نحو 560 طفلا، واعتقلت النساء والطالبات وحرائر مصر، وتم الاعتداء على بعضهن
واغتصاب اخريات من قبل العسكر والبلطجية، مثل السيدة ندى أشرف التي اغتصبت داخل مدرعة للجيش، يفترض ان الجيش اشتراها من اموال الشعب من اجل حمايته وليس اغتصاب بناته ونسائه.
خلال هذا العام مارس الانقلابيون كل الافك والظلم ، وعاثوا فسادا في مصر، ونشروا الخراب والدماء والدماء والدموع، وقسموا الشعب إلى شعبين، وحطموا قدرات البلاد وادخلوها في نفق مظلم بلا نهاية، فمصر تعاني من الشلل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ومن العهر الاعلامي والقضائي، وتحولت المؤسسات الاعلامية إلى ذراع للانقلاب، كما تحول القضاء "الشامخ" إلى اداة بيد الانقلابيين من اجل تصفية الخصوم السياسيين، وهو ما ادانته المنظمات الحقوقية الدولية.
كثيرة هي اوجه الخراب التي صنعها هذا الانقلاب الأسود، فقد اخرج "الدولة العميقة" من اوكارها وانفاقها، ودفع بعناصرها إلى الواجهة من جديد، وكشف انحطاط الاعلام في مصر، وترديه بترويجه للكذب وصناعة الصور المزيفة الخادعة، والتي اعترف بها مهندسها خالد يوسف الذي اقر انه استخدم مؤثرات لزيادة عدد المتظاهرين في 30 يوليو، وكشف الدرك الذي وصل اليه القضاء المصري الذي يصدر احكاما بالجملة ضد الابرياء من انصار الشرعية ومعارضي الانقلاب الأسود، وكشف عن طبقة رجال الاعمال الفاسدة التي مولت الخراب ولا تزال تموله، وهي تمتص خيرات البلد وتفقر اهله.
وكشف عن تفاهة وسقوط ونذالة ما يسمى "مثقفين" الذين ساندوا "بيادة العسكر" على حساب الحرية والكرامة والعدالة.
بعد عام من الانقلاب خزينة مصر مفلسة، ولا يوجد فيها ما يكفي من المال لدفع رواتب "جيش العاملين في الدولة" والذين يصل عددهم إلى 8 ملايين موظف، مما دفع الانقلابيين إلى الاقتراض من الداخل والخارج، وسحب الاموال من البنوك المحلية، مما ترك البلد بلا سيولة، ودمر قطاع السياحة، وفرض المزيد من الضرائب ورفع اسعار المحروقات والمواد الغذائية، وعلى وشك ان يرفع اسعار الكهرباء، وعقد صفقة لاستيراد الغاز من "الكيان الاسرائيلي المحتل" بعد ان منح نظام مبارك الغاز إلى هذا الكيان مجانا.
كيفما ادرت الصورة في مصر فهي سوداء قاتمة بسبب الانقلاب والانقلابيين من تحالف العسكر والفلول والمثقفين والقضاة والاعلاميين الفاسدين، وهي صورة لا يمكن ان تتغير الا بسقوط الانقلابيين الجاثمين على صدر مصر والامة العربية من المحيط إلى الخليج باستثناء "الكفلاء الماليين" والرعاة الاقليمين والدوليين.
اسقاط الانقلاب ضرورة لازمة، ودحر الانقلابيين في مصر فرض وواجب، والمصريون الشرفاء الذين لم يملوا من التظاهر ضد هذا الانقلاب منذ عام كامل، رغم القتل والسجن والتنكيل يصنعون معجزة، فهم لم يملوا من التظاهر ليلا ونهارا، صيفا وشتاء، في المنشط والمكره، وهم مصرون على دحر الانقلاب مهما كان الثمن، وهم سينتصرون باذن الله لان ارادة الشعوب لا تهزم ابدا.
hijjawis@yahoo.com