لا اعتقد على الاطلاق ان زعيماً في العالم يتابع دقائق الامور في الداخل و الخارج كما يتابعها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله , و لا اعتقد ان قيادة بحجم مسؤوليات جلالة الملك و التحديات التي يجابهها بلدة و المخاطر التي يمكن ان تنشأ او تتشكل و الضغوطات التي يتعرض لها من هنا و هناك لدية القدرة على التحمل و الحوار و الاقناع و الصمود و التحدي و التفاف شعبه حوله مثل جلالة الملك حفظه الله .
فجلالة الملك لا يتواني عن استغلال كل دقيقة من وقته الثمين من اجل مصلحة شعبه و السهر على راحته و الدفاع عن قضاياه و قضايا الامة , فلا تمر مناسبة الا و يكون على رأس جدول اعمال جلالتة اربعة بنود رئيسية : الشأن الاردني , القضية الفلسطينية , الازمة السورية , و الازمة العراقية .
اثناء استقبال جلالته يوم الاحد الماضي رئيسة اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس النواب الأمريكي، السيدة إلينا روس ليتنن، والوفد المرافق جلالة حذر جلالته من خطورة الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ، و تداعيات الأزمة السورية على دول الجوار والمنطقة ككل، ولا سيما الأردن الذي يتحمل أعباء متزايدة على موارده وإمكاناته المحدودة، جراء استضافته ما يزيد عن 3ر1 مليون سوري على أراضيه، وما يشكله ذلك من ضغوط على البنية التحتية والخدمات، خصوصاً في شمال ووسط المملكة.
كما حذر جلالته من استمرار الأزمة الحالية التي تشهدها الساحة العراقية ومخاطر ذلك على العراق والمنطقة ككل، مجدداً التأكيد على حرص الأردن على سلامة العراق ووحدة أراضيه وشعبه، وضرورة أن يستند حل الأزمة إلى عملية سياسية شاملة تشارك فيها جميع مكونات الشعب العراقي الشقيق دون استثناء لأي أحد.
بنفس الوقت اكد جلالته على ضرورة دعم المجتمع الدولي لجهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أميركية ، وبما يعالج جميع قضايا الوضع النهائي، ويفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
لم يتواني جلالته عن تقديم النصائح الى رؤساء الدول و رؤساء الوزارات ووزراء الخارجية الذي يؤمون بيت الاردن و ديوانه العامر وعلى رأسهم الولايات التحدة الاميركية , وكانت هذه النصائح بمثابة رسائل تحذير عقلانية تتسم بالحكمة و بعد النظر لخطورة ما يجري في المنطقة .
لقد حان الوقت للعالم والمجتمع الدولي و على رأسة الولايات المتحدةالاميركية ان يصغوا الى رأس الحكمة و العقلانية و السياسة و الدبلوماسية و صوت العقل و المنطق لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين , فها هي الولايات المتحدة قبل يوميين تطلب من جلالتة واخيه خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز المساعدة في خروج العراق من ازمته . و هذا النداء هو اقرار من الولايات المتحدة ان اهل مكة ادرى بشعابها و ان حل الازمة في العراق هو حل عربي عربي , و هذا يعيدنا الى الوراء عندما تجاهل الرئيس بوش الاب نداءات المرحوم جلالة الملك الحسين رحمه الله بترك الازمة الكويتية العراقية للبيت العربي بحلها , و ما ان اوشكت طائرة المرحوم جلالة الملك الحسين دخول الاجواء الاردنية بعد حضور القمة العربية الطارئة في القاهرة حتى صدر بيان مترجم ترجمة ركيكة الى العربية وزع على الوفود العربية في القاهرة , و كان هذا البيان بداية المخطط للازمة الحالية و الطامة الكبرى التي حلت في العراق و الشعب العراقي . ولو التزمت رئاسة القمة " الرئيس حسني مبارك " في حينه بما اتفق عليه أمام المرحوم جلالة الملك الحسين لما حصل ما حصل من دمار و خراب و من دخول القوات الاجنبية الى منطقة الخليج العربي و النتائج التي ترتبت على ذلك من تغير كافة الموازين , لكان العالم كلة بافضل حال مما عليه الان و بالذات بالنسبة للعراق و دول الجوار و موقع الولايات المتحدة في المنظقة .
لا يختلف اثنان ان سبب الازمة الحالية في العراق هو الولايات المتحدة الاميركية و من ورائها بريطانيا العظمى , ربما كانت هنالك بعض المأخذ على القيادة العراقية ايام المرحوم الرئيس صدام حسين , و لكن قامت الولايات المتحدة و بريطانيا ليس فقط باعدام الرئيس صدام حسين بل باعدام الشعب العراقي و تأسيس البنية التحتية للازمة الحالية و فرض الامر الواقع بتقسيم العراق و تهميش السنة , الامر الذي زاد الامور تعقيداُ ليس بالنسبة للشعب العراقي فحسب بل بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية و دول الجوار .
من خلال قراءة الواقع السابق للعراق و المشهد الحالي , نستطيع ان نستشرف المستقبل من خلال رؤية جلالة الملك . و اذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا معنية باستقرار العراق ووحدة اراضيه و المستقبل الامن للشعب العراقي عليها ان تعود الى ما يفكر به و بدعم من اشقائه الزعماء العرب .فقد ارتكبت الرئاسات الاميركية و البريطانية السابقة ابان فترة كل من الرئيس بوش الاب و الابن وكذلك رئيس الوزراء البريطاني السيد توني بلير جرائم بحق العراق و الشعب العراقي و بحق من قضوا من الشعب الاميركي والشعب البريطاني و الذين ليس لهم ذنب باستثناء تلبية اوامر قياداتهم السياسية . فقد حذر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين العديد من المرات - و امام الكنغرس الاميركي و في زياراته المتكررة و المتواصلة سواء للولايات المتحدة الاميركية و الامم المتحدة او المملكة المتحدة او دول العالم - من خطورة الوضع في المنطقة و خاصة عرقلة عملية السلام و الازمة في العراق و الازمة في سوريا . و تاتي تحذيرات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لان الاردن هو الاقرب للعراق و سوريا و فلسطين و تحيط به الازمات من الجهات الثلاث , و هو الدرع الواقي لغرب و شمال المملكة العربية السعودية , و هو الاقرب للشعب الفلسطيني و العراقي و السوري , و عندما المت المصائب و الازمات و الملمات بالجيران الاشقاء كان الاردن الحضن الدافي و المستقبل لمئات الالاف من اللاجئين و النازحين و الهاربين من الحرب و الدمار .
على العالم ان يأخذ محاذير جلالة الملك بمحمل الجد , لان تقسيم العراق جريمة بحق الشعوب العربية و بحق الشعب العراقي بالذات , على العالم ان يدرك ان العراق هو للعراقيين جميعاً بدون فواصل او حدود , فالعراق العربي يضم بين احضانه كافة العقائد و الديانات , تقسيم العراق ليس من صالح شيعة ولا اكراد و لا سنة و لا و لا و لا , هذا التقسيم هو فقط من صالح اسرائيل و من لهم اطماع اخرى الى جانب اسرائيل , و ها هو رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير خارجيته يدعمان استقلال كردستان العراق من اجل خلق واقع ليهودية اسرائيل .
لقد حان الوقت للولايات المتحدة و التي نعتز بصداقتها و بوقوفها الى جانب الاردن - ان تعي جيداُ ان الاردن معني بالمحافظة على هذه الصداقة و كما يقول المثل , الصديق من صدقك , و الاردن صادق مع اصدقائه و اشقائه وهو الاقرب الوفي بكافة الظروف و الناصح الامين , و حان الوقت للولايات المتحدة و خاصة في عهد الرئيس السيد باراك اوباما و الذي يكن لجلالته كل احترام , و كذلك وزير خارجيته السيد جون كيري و الذي ربما يكون من احكم وزراء خارجية الولايات المتحدة الاميركية - ان تأخذ محاذير جلالة الملك بشكل جدي و فوري و ان تسعى بكل ثقلها السياسي السلمي بعيداً عن التدخل العسكري و بعلاقاتها مع حلفائها , بجمع شمل العراق - الذي شتته الرئيس بوش الابن و رئيس الوزراء توني بلير - العراق العربي الحر , العضو الهام و احد الاعضاء المؤسسين في جامعة الدول العربية . نريد ان يسطر التاريخ بحروف من ذهب , ان الولايات المتحدة الاميركية و في عهد الرئيس اوباما بالذات قد اعادت ترتيب اوراقها السياسة في المنطقة و ادركت اخطاء الرئاسات السابقة و هي الان تسعى لاعادة الامن و الامان للعراق العربي و لشعبة و الذي يشكل اسرة واحدة بفسيفساء العراقين العريقين بعروبتهم و بوطنيتهم و بمحبتهم للعراق و بالتحامه باشقائه الدول العربية قلباً و قالباُ .
و باعتقادي كما يعتقد كل الاردنيين و العرب الاستجابة لنداء و محاذير جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين هو ليس فقط في صالح العراق وانما ايضاُ في صالح الولايات المتحدة والمجتمع الدولي و لان خير العراق واستقراره , هو خير للعالم , واستقراره يسهم في استقرار العالم و خاصة في منطقة الشرق الاوسط هذه المنطقة الحيوية لكل العالم بما تملكه من موقع يربط قارات العالم و لما تختزنه من طاقة و ثروات , العالم بحاجة اليها .