نتنياهو .. نعم نتنياهو ما غيره، يتباكى على حقوق الأكراد في إقامة دولتهم! ويعلن من فلسطين التي تحتلها قواته، وجوب دعم اسرائيل لحق الأكراد في اقامة دولة كردية مستقلة!
عجبي، فقد بات المحتل الذي يدنس أرض شعب آخر، ويقتل البشر ويقلع الشجر ويغير معالم الحجر، يتصرف باعتباره انسانيا يبحث عن العدالة وحق الشعوب، ويتناسى أنه دولة احتلال، ووقف حجر عثرة مرات ومرات لقتل طموح الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وأن جيشه ومواطنيه جلسوا في بيوت وبيارات شعب آخر بعد أن طردوه وشتتوه في بقاع العالم.
نتنياهو.. عدو السلام، يتباكى على شعب آخر، ويدعم حقه في إقامة دولته، ولم لا، فقد تغيرت الجغرافيا، وباتت اسرائيل بعيدة عن أنظار المجتمع الدولي وعن متابعاته، وبات ما يجري في العراق وسورية أكثر حضورا، ما فسح مجالا لرجل يصنف عند كل العالم كعدو للسلام، للكلام والتعليق والإعراب عن أمانيه ورغباته من دون أن يرف له جفن، ويتناسى أنه يحتل أرض شعب آخر، وأنه يسكن حاليا في منزل ليس له، ولم يكن له أبدا.
ترى من الذي أعطى فرصة لقاتل وسفاح مثل نتنياهو ليظهر بكل صلافة ليقول ما يقول، ويتحدث عن الحقوق والواجبات والتعاطف وخلافه من الأبجديات الأخرى، لولا ما يجري في المنطقة وما لمسه من تشتت عربي حوله، وذهاب الناس عندنا للبحث عن خلافات صغيرة بيننا، وترك رأس الافعى؟
فالعرب باتوا يرون أن خطر إسرائيل أقل من خطر جهات أخرى، وذهبوا للتناحر المذهبي والعرقي والطائفي، يعزز ذلك جهات داعمة تعتقد أن بقاءها في المنطقة لتصول وتجول لا يتوفر إلا من خلال تشتيت الجمع، وتفريق الكلمة.
ترى من الذي زرع في عقول البعض منا أن خلافنا مع بعضنا مذهبي ولا يحل بالتوافق، ومن منح الحق لبعضنا ليحكم على الآخر بالقتل والصلب والشبح لأنه يختلف معه في المذهب حينا، او لأنه لا يؤيد ما يقول حينا آخر؟
لو توقفنا قليلا للنظر حولنا وقراءة ما يجري بعين واضحة، من دون ان يكون في خلفية عقلنا اي بعد طائفي أو مذهبي أو عرقي، سنلمس اي درك وصلنا اليه، وسنلمس أننا نضحي بشعوب ودول، ونذهب بها نحو التقسيم والتجزئة، وسنشعر أننا ذهبنا وراء شعارات براقة رفعت في وجوهنا، ولم نتبصر ما يريده البعض من وراء تلك الشعارات.
اليوم بات الكلام عن تنظيم "داعش"، وما يقوم به من ممارسات، وأين وصل، أكثر بكثير من ممارسات اسرائيل بحق المسجد الاقصى، والخليل وحرمها الأسير المقسّم، وبات سقوط شهداء بشكل يومي في فلسطين لا يشكل أمرا جديدا، ولا يتحرك من أجله الناموس!
دعونا نتذكر أن ايران والمذهب الشيعي ليسا جديدين علينا او طارئين في المنطقة، ولم يكن المذهب السني طارئا ايضا، وخلال سنوات سابقة لم نكن نشعر او نتحدث عن اختلاف المذهبين، ولم يكن علماء الطرفين يطعنون في بعضهما البعض كما يحصل حاليا، وانما كان اغلبنا يذهب باتجاه التوفيق بين المذاهب الاسلامية.
اليوم انقلبت الصورة، وبات الكلام ليس عن اسرائيل وما تحتله من ارض، وإنما عن ايران والعراق وسورية، وعن حرب مذهبية تشن على أهل السنة، وكلام من الطرف الثاني عن حرب سنية تشن على أهل الشيعة!
ترى لماذا قفز خلاف المذاهب أمامنا، بهذا الشكل الفاضح؟! ولماذا يسعى البعض لتعزيز خلافنا المذهبي، وسرقة الأنظار عن أماكن اخرى؟!
ألم يحن وقت الاستيقاظ! ألم يحن الوقت لنفوق ونعرف ما يجري؟! ألن نلبي يوما نداء مسحر الشهر الفضيل الذي يقول دوما "يا نايم وحد الدايم"؟ ألن نفيق، ونكتشف ما يجري ونتعظ؟
(الغد)