بين الاستراتيجي والإعلامي
سامي الزبيدي
06-03-2008 02:00 AM
استقر تقليد إجراء استطلاع لقياس الرأي العام تجاه أداء الحكومة بعد مئة يوم على تشكيلها وهو من التقاليد القليلة التي استقرت في الحياة العامة الأردنية منذ عقد من الزمان تقريبا ، ومثل هذه الدراسات الإعلامية ، ولا أقول الاستراتيجية، وفرت لدينا أرقاما يمكن أن تكون أرضية لقياس المنحنى البياني لاتجاه الرأي العام حيال السلطة التنفيذية على مدى عقد من الزمان وهو عمر هذا التقليد.أمس تحديدا مضى على حكومة المهندس نادر الذهبي مئة يوم بالتمام والكمال كانت الحكومة طوال هذه المدة أمام امتحان اتخاذ قرارات ضرورية بل ومصيرية لكنها أيضا غير شعبية وخرجت الحكومة من الامتحان بكفاءة وحافظت على توازن واتزان في الأداء منحها حلفاء إضافيين فضلا عن تفهم القاعدة العريضة من الناس رغم كل شيء.
في هذا الوقت بالذات يأتي استطلاع المئة يوم ليعتقل لحظة من مزاج الرأي العام ويثبتها بأرقام وجداول بصورة تؤبد هذه اللحظة وتجعلها مؤشراً على قياس أداء الحكومة وهو أمر قد يشكل ظلما مبررا لمسيرة فريق وزاري ولد في رحم أزمة.
أرجو ألا يفهم من هذا الكلام انه شكل من أشكال المناوأة لمنهج ترى بعض المدارس انه علمي بقدر ما هو توكيد على ضرورة التفريق بين الدراسات الاستراتيجية والدراسات الإعلامية دون التخندق خلف تصورات قبلية.
لم نقرأ طوال العقد الماضي عن دراسات استراتيجية توضح السيناريوهات المحتملة فيما لو اضطر الأردن لشراء النفط مباشرة من السوق الدولية، ولم نقرأ عن بدائل استراتيجية توضع أمام صانع القرار ليسترشد بها فيما إذا قفزت أسعار الطاقة بما يشكل ضغوطات غير محتملة على الموازنة العامة، ولم نقرأ عن دراسات استراتيجية فيما لو فشلت العملية السلمية أو فيما لو انهارت السلطة الوطنية وانعكاسات ذلك على الأمن الوطني ، أو ما هي السيناريوهات المحتملة وما هي العوامل الاستراتيجية الضاغطة على صانع القرار فيما لو حصلت مواجهة عسكرية شاملة في الإقليم.
ثمة أسئلة استراتيجية تتجاوز في خطورتها تلك الأسئلة الإعلامية التي تلقى عبر الهاتف لاستيضاح رأي فرد أو أفراد عينة في أداء حكومة خلال حقبة محددة، على أهمية هذه الدراسات الإعلامية.
في تقديري أن الحكومة بحاجة إلى رؤية انعكاس صورتها لدى الرأي العام في أي وقت وهو ما يوفره استطلاع المئة يوم ، لكنها - أي الحكومة - بحاجة أكثر إلى دراسات استراتيجية تضع أمامها البدائل الممكنة لتعينها في القضايا الملحة سواء في الشأن المحلي أو الإقليمي.
samizobaidi@gmail.com
عن الراي.