« دخول داعش للأردن « عبارة تتكرر منذ أسابيع في الإعلام والجلسات والتحليلات، وسؤال يرافق كاميرات الفضائيات، وربما وصل إلى أذهان فئات منا، ولهذا سمعنا أسئلة ولو محدودة الإنتشار « هل سيأتون الينا ؟ «.
ولعل من حقنا في ظل كل هذا أن نسأل :- هل داعش جزء من عالم الغيب، أي نصحو صباحاً فنجدهم موجودين في شوارعنا ومدننا وتطوف سياراتهم شوارعنا ؟ أم هم بشر ومجموعات تحتاج إلى عوامل لدخول أي مكان؟
ولأنني من المؤمنين أن داعش اليوم تنظيم مرتبط بدول ويقدم خدماته وفق اتفاقات، فإن علينا أن نتذكر أن كل من دخلوا إلى سوريا من التنظيمات المتشددة والمستأجرة، كل هؤلاء دخلوا عبر حدود سوريا إما من تركيا التي أستباحت الحدود التركية السورية وحولتها إلى أماكن لعبور الأسلحة والأموال والمقاتلين، أو عبر الحدود العراقية السورية التي دخل فيها مقاتلون يقاتلون ضد النظام، ومقاتلون مثل داعش يقاتلون معارضي النظام.
وحتى داخل العراق فإن فترة الإحتلال وغياب الدولة جعلت العراق مستباحاً لكل التنظيمات وأجهزة المخابرات وتجار الحروب، وجاءها المقاتلون من إيران وعبر سوريا وتركيا وكل مكان، وداعش في العراق اليوم لم تنزل من السماء بل هي موجودة ربما بحماية حكومة المالكي، أو تعبر من إيران، أو هم مقاتلون لهم معسكرات تحميها الجهات التي تمول وتطلب الخدمات، حتى خدمة إعلان دولة الخلافة، أو خدمة الربط العضوي بين العرب السنة والإرهاب.
داعش لا تحتاج لفيزا لدخول الأردن لأنها تنظيم إرهابي يدخل الدول للقتل وتنفيذ المهمات، لكن داعش ليست قدراً لا يرد على الدول إلا تلك الدول المستباحة كلياً أو جزئياً والتي تعبث بها أجهزة ودول، لكن داعش تحتاج إلى بيئة للعبث ودول أو حكومات تفتح لها الأبواب وتقدم لها الدعم و ( الفيزا ) الأمنية والسياسية.
وإذا كانت داعش تدخل بعض المدن في دول حولنا، فلنسأل من أين جاءت، وما هي آخر محطة أو مكان عبأت منه سياراتها بالوقود، وما هو المشهد الذي سبق صور البكبات وهي ترفع الاسلحة والرايات السوداء ؟!
داعش حكاية سنكتشف جميعاً أنها ليست حالة دينية، وأنها مشهد من مشاهد العبث الإقليمي.
هل ستدخل داعش الأردن ؟!
سؤال لا يثير القلق، فإذا كان الدخول بالسيارات والمواكب فهذا يعلم الجميع أجابته مع دولة مثل الاردن، وإن كان دخولاً من خلال تسلل أفراد، فأيضاً يرى الجميع جدية الدولة في ضبط الحدود وإدارة الأمر أمنياً، وإن كان سؤالاً لغايات إظهار الأردن دولة مهددة أمنياً وعسكرياً فهذا سؤال موجه لدول عديدة ليست لديها جدية الأردن وتجربته.
ربما من الموضوعية أن يعطى الأمر حجمه دون الإنجرار للأسئلة الإفتراضية، وأيضاً دون تجاهل للتحديات، لكن على المصرين على هذا السؤال أن يخبرونا عن المواعيد المحتملة لوصول بكبات داعش ومواكب مقاتليها، إذا كان هذا هو المقصود، وليس ما نفهمه من إستهداف للأردن وأمنه ومحاولات لم تتوقف منذ سنوات وعقود لإستهداف أمنه لقيت كل صلابة وتعامل حازم من الأردنيين ودولتهم.
(الرأي)