بيت درج!حلمي الأسمر
06-03-2008 02:00 AM
في منتصف العام الماضي تقريبا ، كتبت عن قصة عائلة تعيش في بيت درج في الأغوار ، مساحته لا تزيد عن خمسة أمتار مربعة ، كانت في وقت ما تمتلك مجمعا تجاريا وسوبر ماركت ومحلات خضار وباصا وتؤجر عدة محلات ، ولكن الزمان دار ولم تجد هذه العائلة ما يؤويها سوى بيت درج ، عمر هذه القصة أكثر من عشر سنوات والبيت مجرد ممر هو في الأصل مدخل لمخازن تجارية ، وفي هذا الحال فان المدخل من حق الجميع بغض النظر عن ساكنيه ، فلا حرمة لهم ، حتى أنهم نسوا معنى الخصوصية في حياتهم ، فإن كانوا نياما او قعودا او اراد احدهم الصعود الى السطح فانه يستبيح المكان وينتهك حرمة "بيتهم"،،.افراد اربعة يعيشون وينامون ويأكلون ويستحمون في مساحة لا تتجاوز مساحتها الامتار الخمسة ، مطبخهم هو حمامهم وهو ذاته مكان نومهم وهو بيت الدرج الممر العام لاصحاب المحلات عندما يريدون الصعود الى السطح ، عائلة تتكون من الاب والام وبناته انقلبت حالتهم سنوات عشرا عندما كان الحظ معهم فصار عليهم فخسرت تجارتهم وتراكمت الديون حتى اشتعلت جبال هموم فباعوا كل ما يمتلكون من عقار ، وسيارات ومحلات تجارية وسددوا بعض مما يترتب عليهم ولغاية الان جبال ديونهم لم تنتقص بل تزداد ، يعتاشون من "بسطة" خضار "تدر" عليهم خمسة دنانير مكرسة لفاتورة الكهرباء وسداد الماء وتسديد ثمن الخضروات وشراء خضروات اليوم التالي اما الدنانير السبعون التي يتقاضونها من التنمية الاجتماعية فتذهب منها (60) دينارا اجرة بيت الدرج التي يدفعونها شهريا بالاضافة الام التي لا تتمكن من الحركة بسبب الآلام المبرحة التي تعانيها في ظهرها وفي عيونها وكذلك الاب فهو يعاني من عدة امراض ويحتاجون لشراء أدوية تصل كلفتها الى ما يزيد عن (65) دينارا شهريا،.الحياة في بيت الدرج لها "استحقاقات" مريعة: فهم يقضون حاجتهم في أكياس ليلا والناس نيام وحينما يطلع النهار يلقونها في الحاويات ، وعندما يريدون الاستحمام يقف احدهم على باب المنزل (بيت الدرج) ليحرس المكان والطامة الكبرى هي ان المجمع التجاري الذي كان يملكونه هو بمحاذاة بيتهم بيت الدرج الامر الذي يزيد الامهم الما وحسرتهم حسرة،.عندما تأتي ابنتهم المتزوجة في زيارة أو حين يأتيتهم ضيوف يبعثون بالضيوف عند الجيران وفي بعض الاحيان ينامون بالتناوب على الكراسي ، أو في الشارع العام حتى يحين دور الواحد منهم ، طبعا هم لا يعرفون نوم القيلولة بل إنهم يصحون قبل الفجر أي قبل فتح المحلات التجارية ابوابها خوفا من صعود احد علي السطح عن طريق بيت الدرج في وقت سابق زارهم وفد من صندوق الزكاة وقدم لهم خمسين دينارا وبعض المواد التموينية ووعدهم بالعمل على بناء منزل لهم ، وكذلك جاءهم وفد من التنمية الاجتماعية وعد ببناء منزل وما زالوا ينتظرون الفرج.. حين كتبت عنهم آنذاك استفسر عن حالتهم كثيرون ، وبعضهم عرض استضافتهم ولكن في عمان ، وجرت بحوث على حالتهم من قبل جهات عديدة ، ولكن الحال بقي على ما هو عليه وربما ازداد سوءا مع ثقل وطأة المرض على معيلهم،،؟؟. تذكرت هذه العائلة وذكرتني بنفسها أيضا حين أطلق الملك استرتيجية الإسكان: عيش كريم في مسكن كريم ، ترى هل لهؤلاء نصيب من هذه الاستراتيجية ، وهم أكثر الناس حاجة لهذا السكن؟؟ أعتقد أن استراتيجية الإسكان أطلقت لمثل هذه العائلة أولا ولمن يماثلها في ضنك العيش وقلة الحيلة. helmi@nabaa.net |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة