ما أجمل أن نرى مقاعد الحكومة في مجلس النواب فارغة أو يُشغلها النواب!! فقد كان حَردْ الحكومة عن حضور جلسات النواب أفضل انجاز للحكومة بل والحكومات المُتعاقبة انجاز تُرفع له القُبعة ، أن يبقى الوزراء في مكاتبهم للإشراف على وزراتهم وخدمة مراجعيهم أو في عملهم الميداني بدل إضاعة الوقت في الاستماع إلى قضايا تهم وزير أو اثنيين إضافةً إلى وزير الشؤون البرلمانية والمعني الرئيسي بالعمل البرلماني، إذ أنهم هم اصحاب العلاقة والمعنيين بما يتم مناقشته من قوانيين فليس من المعقول أن يُناقش النواب في جلسة واحدة قوانيين تهم كافة الوزارات .
إن إضاعة وقت النواب في الاستماع إلى خطابات النواب قي شؤون تعني بعضهم وتُعطل البعض الآخر عن القيام بمهام وزارته فيه هدر لطاقات الوطن وإضاعة لوقت الوزير الذي في الأغلب ما ترتبط به كل صغيرة وكبيرة وتوقيع معاليه ضروري لإنجاز أية معاملة للمواطن كَبُرت أم صغُرت فالعقلية المركزية مرتبطة بأهمية معاليه ولطالما دفع الوطن الكثير ثمناً لتوقيع معاليه .
ليتَ الحكومة حَردتْ منذ زمن!!! وليتَ حَردْ الحكومة يدوم ، وليتَ حبال الود تنقطع بين النواب والحكومة ليتفرغ كل منهم لأداء مهامه في خدمة الوطن، بدل تبادل الخدمات والأجندات لنرى قوانيين ناجزة لا تحتاج لتعديل أو تبديل قبل توشيحها بالإرادة الملكية السامية ، و نحن نرى كم من العيوب تعتري القوانيين التي أنتجها ويُنتجها المجلس بإعتباره مصنع قوانيين الدولة وربما كان أغرب انتاج السادة النواب قرار حبس الطفل واعتباره مُجرماً في سن سبع سنوات!!! نأمل من السادة النواب وبغض النظر عن الأسباب الموجبة لمسؤلية الطفل إعادة النظر في هذا الاقتراح فقد يصبح الأردن مَضرباً للأمثال في امتهان الطفولة نتاج هذا التوجه على أن تنصب الجهود لتجريم المُحرض مالك الأهلية لا من تُملي عليه إرادة الآخرين ولا يملك الإرادة ولا الأهلية بما يتنافى وأبسط المفاهيم الإنسانية ويتنافى والهدف من العقوبة بل ويزيد معاناة الوطن ويُراكم أعباء جديدة فوق أعباءه .
كنا نتمنى أن يشمل تعديل النظام الداخلي الإكتفاء بحضور الوزير المعني بجلسة النواب وهو ذاك الوزير الذي يتعلق عمله بجلسة النواب المُنعقدة ووزير الشؤون البرلمانية فقط ويبقى الوزراء الآخرون في أعمالهم الإعتيادية وبإمكانهم الإطلاع على ما دار داخل الجلسة بتقارير خاصة يتولى إعدادها إعلام الرئاسة من باب الإحاطة بما يجري بين السلطة التشريعية وزملائهم ذوي العلاقة .
نحن في أَمّسِ الحاجة إلى بقاء الوزراء في مكاتبهم لمُتابعة اعمالهم وتسيير أمور المواطنيين ومتابعة أعمالهم الميدانية بدل تعطيل مصالح المواطنيين الذين يُراجعون لقضاء حوائجهم مراراً وتكراراً وقد اصبح جُل همهم مقابلة الوزير فقط دون قضاء حوائجهم ،كما وتعفي الطرفين نواباً ووزراء من الحرج الناجم عن عدم قدرة أيا من الطرفين تلبية مطالب الآخر وهم يجلسون في مُقابل بعضهم البعض ولا أُود الوقوف كثيراً عند قضايا صغيرة تُضَيَّعْ لأجلها الساعات الطوال تُشعر المواطن الذي أدلى بصوته لنائبه المُفضل بالحزن والأسى وهو يُردد ليس من أجل هذا منحتك صوتي فما حدث مؤخراً من تضخيم قضية كرسي رئيس المجلس في مهرجان جرش الذي اصبح قضية فهل هكذا قضية تتناسب مع هذا الضجيج وتنافخ الأوداج واستحضار ثارات داعش والجيش الحر .
نتمنى أن يرتقي النواب بأدائهم بعيداً عن المشهد الإعلامي وصدقوني إن الجماهير الأردنية لا تهتم بعضلات النائب وتقاطيع سحنتهُ ولا بحيويتهُ ونضارتهُ قدر اهتمامها بمُخرجات دماغه والتي تنعكس على أدائه في مداخلاته وتَصدّيه لمصالح الوطن ومشاركته في اعداد التشريعات ، وما يوجهه للحكومة من اسئلة واستجوابات وخصوصاً وأن الحكومات المُتعاقبة في السنوات الأخيرة باتت تُقدم أدسم الموائد للنواب والإعلام وجمهور المُعارضة .