بالطبع لا مانع من متابعة مباريات كأس العالم والاستمتاع بهذه البطولة العالمية، ولكن على قد لحافك مد رجليك، وعلينا ان نتحلى ببعض الصبر والحكمة..
حين وجدته مشدود الاعصاب سألته من تشجع فأجابني: «المنتخب الالماني» ؟!! وحين استعرضت سيرة عائلته الرياضية لعليّ أجد سببا لهذا التعصب للألمان وجدت ما يلي: جده توفي بعد أن سقط هو والحصان فوق بعضهم بعضا حين حاول ركوبه، لأن وزنه «القائم» أثقل من وزن «الحصان» ، والده توفي بعد أن انفجرت الامعاء الغليظة بعد أن تحدّى أصدقاءه بأنه يستطيع أن يأكل «المنسف» وحده، ثلاثة من أبناء عمومته مصابون «بالشلل» بعد أن حاولوا ممارسة رياضة «الرالي» فانقلبت بهم السيارة في أحد الوديان .. حتى هو يملك تقارير طبية تفيد أن نسبة الدهون والكوليسترول والشحوم لديه تتجاوز نسبة العجز في موازنة الدولة الاردنية !!
حقيقة أكبرت بهذا الرجل رغم تلك الحوادث الأليمة التي ألمت بعائلته أنه يشجع المنتخب الالماني لما يمتاز به المنتخب من لياقة عالية.. ولكن حين وجدته يشتم «محارم» لاعبي المنتخب الالماني لأنهم أضاعوا إحدى الفرص..
تمنيت عليه أن يرى كيف يتحرك الألمان بكل رشاقة فيعيد ترتيب حياته للاقتداء بهم.. فهو منذ عشر سنوات لا يستطيع زيارة «محارمه» اللاتي يسكنّ في الطابق الثاني وما فوق لأنه لا يستطيع صعود الدرج بسبب وزنه «الزائد» .. يشتم «محارم» لاعبي المنتخب الاماني لأنهم أضاعوا إحدى الفرص وهو لا يستطيع زيارة «خالته» لأن عندهم «درج» .. بصراحة تعجبت من تشجيعه للمنتخب الألماني لكرة القدم ومنتخب امريكا للمصارعة مع «وساطة» قد لا يقبل تشجيعه على وزنه الحالي !!
في إحدى الجلسات بدأ يتكلم عن اللاعب البرازيلي «نيمار» وكأن «نيمار» من مخاول أبنائه.. فبدأ يسرد تاريخ اللاعب الكروي وأهدافه، وكم يبلغ سعره، حتى أنه يعرف اسم أم «نيمار» .. لغاية الآن كلامه في غاية الروعة ولا اعتراض على ما تحدث به من معلومات كروية قيمة أثرت الجلسة .. ولكن حين انتهت معلوماته الكروية لم يصمت وانتقل للحديث عن والد «نيمار» على أنه وجه من وجوه البرازيل ووالده معروف في البرازيل على أنه «منقع دم» !!
هذا الشخص بالذات لا يحفظ تاريخ استقلال «المملكة» ؟! ولا يحفظ سورة «الغاشية» ، ولا يحفظ أسماء «خمسته» ، ولا يحفظ ترتيب الاشهر الهجرية، ولا يحفظ من كلمات اللغة الانجليزية سوى «جوردان: الاردن» و «أبل: تفاحة» ،»وبنانا: موز» .. لكنه يحفظ كل ما يتعلق بتاريخ «نيمار» .. ليته على الأقل يحفظ مع كل هدف من أهداف «نيمار» تاريخا من تاريخ الوطن.. فغدًا يذهب «نيمار» ويبقى الوطن !!
في النهاية تبقى الثقافة حرية شخصية، ولكن حين يصنع من والد نيمار في بطولة كروية هدفها التسامح والتعارف «منقع دم» لأنه يحبه فقط، ووالد «نيمار» في الواقع هو «منقع كاتشاب» وليس منقع «دم» .. هنا تدرك أن بعضنا حين يتظاهر بالتشجيع والمعلومة هو في الحقيقة «منقع كذب» !!
في اللحظة التي كانت تقترب بها «داعش» من الحدود الاردنية كان حديث العامة منصبا عن خطورة المرحلة وتسارع الاحداث، وعن ضرورة الاستعداد الجيد.. فما كان من أحدهم الا أن تحدث عن خطورة «ميسي»، وكيف أن أغلب الفرق تخشاه .. خطر «داعش» على الأبواب..
من يرى خطورة «ميسي» ولا يرى خطورة الأحداث المتسارعة في المنطقة هم بلا شك جماعة «الفليلة ثلثين المراجل» !!
(العرب اليوم)