هذا هو شهر الرحمة والتوبة عن المعاصي ايا كانت ، اجتماعية سياسية ام اقتصاديه ، هو شهر مبارك تغلق فيه ابواب النار وتفتح ابواب الجنة والمغفرة وتصفد فيه الشياطين ، وتصبح الفرص الربانية متاحة لكل من اراد التوبة والمغفرة والفوز العظيم بالنجاة من عذابه سبحانه والتقرب اليه جلت قدرته والظفر بجنة الخلد التي وعد الله المتقين ، فالخسران لمن فاتته هكذا فرصة عظيمة وواصل درب المعصية والجهالة والضلالة والبعد عن الله خالق الكون ومدبر امره جل في علاه .
تأخذنا الدنيا وشوءونها ونعيمها الزائف بعيدا عن جادة الحق والصواب وننسى وسط الزحام عين الله الرقيب ، فنوغل في المعاصي والذنوب وكأن الواحد منا مخلد في هذا الوجود ، فالناس يموتون اما هو فباق الى الابد ، وتلك هي الطامة الكبرى عندما ينسى الانسان ان له يوما سيموت فيه، وان هذا اليوم قد يكون في اية لحظه،ليلقى حسابه عند واحد احد لا اله سواه ، فإن فاز دخل جنته سبحانه ، والا فالنار والعذاب مصيره يوم لا ينفعه مال او ولد او جاه او سلطان .
لو فكر العصاة قليلا في واقعة دفنهم عند موتهم عندما يتبارى القوم في ردم التراب على جثامينهم وهم على عجلة من امرهم ليعودوا الى اعمالهم او لتناول طعام العزاء ، ولو فكروا قليلا في ما ينتظرهم من مصير محتوم حيث لا مغيث ولا نصير ولامنقذ، لربما عادوا الى رشدهم وايقنوا ان عمل الخير والسلوك الحسن وطاعة الخالق العظيم الذي لا عظيم سواه اعظم من كل المغانم والمناصب والمال والجاه في هذه الحياة الفانية لامحاله، ولقدروا الله حق قدره ، ولكفوا عن كل معصية ستهوي بهم الى الدرك الاسفل من النار والعياذ بالله .
ليست السعادة ابدا بالمال والجاه والسلطان ، وانما هي بمخافة الله وبعمل الخير وبالتسامح وبمحبة الآخر والكف عن النميمة والنفاق والحسد والكذب، وهي باختصار بالبعد عن كل عمل سيء ومقاربة كل عمل طيب فيه خير العامة وبالذات البسطاء منهم .
نعم رمضان فرصة لا تعوض لكل غافل لان يبدأ حياته من جديد ووفق نهج جديد يرضي الله ويتجنب غضبه جلت قدرته، خاصة اوءلئك الذين اسرفوا على انفسهم وبشرهم الله بان لا يقنطوا من رحمته وقد وسعت كل شيء ، فالتائب عن الذنب كمن لا ذنب له ،اما الممعن في اقتراف الذنوب فالويل له من بطش الرب مالك الملك القادر على كل شيء ، ولاحول ولا قوة الا به وحده ، وهو من وراء القصد .