لتكن أولوياتنا بمستوى قامة جنودنا
سميح المعايطة
29-06-2014 04:15 AM
أينما يكون الحديث من النخب من أهل المواقع أو خارجها يكون عن التحديات الكبرى التي تواجه الأردن نتيجة التوتر والقلق والنيران حولنا، ويتحدث الجميع عن ضرورة مواجهة هذه التحديات، بل يكون التحليل الواسع عن أشكال الأخطار ومصادرها البعيدة والقريبة.
لكن هذا التشخيص يقابله سلوكيات من البعض هنا وهناك، تصل أحياناً إلى حد المعارك لكنها معارك ﻻ مبرر لها أو على الأقل يمكن أن تكون قصصاً بين أفراد تنتهي بعشاء أو هاتف، لكن البعض يحول القضايا العادية إلى معارك تشغل الدولة والإعلام لأسباب مختلفة لكن محصلتها منافع شخصية أو صراع على سلطة قادمة.
ربما يكون ما نشهده من حكايات ومعارك إفتراضية مناسباً في أوقات أخرى، لكن كيف لأي مدرك لما يجري من أصحاب المواقع او من هم خارجها وينتظرون فرص العودة أو بقية هذه الفئات من شتى المصالح أن يفكر بهذه الأولوية بينما ندرك جميعاً أننا في مرحلة صعبة ونيران حولنا من فوضى لدى الأشقاء وإرهاب الأعداء، ويفترض أن نمارس نوعاً من الإرتقاء إلى مستوى الحدث والمرحلة والتهديد.
ليس مطلوباً من أي شخص إﻻ أن يرتقي إلى مستوى الجنود الكرام من أبناء المؤسسة العسكرية والأمنية الذين نشاهد صوراً لبعضهم في الصحراء وعلى حدود المملكة مع سوريا والعراق وكل الحدود، هذا النموذج الذي أختار مكانه في الصحراء وتحت لهيب نار الصحراء يقضي أياماً وليالٍ طويلة في الخندق أو على ظهر الدبابة، ومعظمهم إن لم يكونوا جميعاً ﻻيزورون بيوتهم وأطفالهم إﻻ كل ثلاثة أسابيع أو شهر.
مطلوب من أهل المعارك الوهمية وحكايات السياسة الشكلية والمصالح في مكاتب عمان ومقاهيها ولقاءات العشاء والغداء، ومطلوب منا كلنا أن تكون أولوياتنا كما هو أولوية ابن الجيش والأجهزة الأمنية الذين ﻻ ينامون لمنع أي خطر، وهم في خط الدفاع الأول لمواجهة أي تحد نتحدث عنه نظرياً في مكاتبنا وبيوتنا.
ﻻ ينسجم أن نكون مقتنعين أن البلد يواجه خطراً بينما نشغل البلد والناس بحكايات عادية نحولها إلى معارك فعلى الأقل أن نتذكر العسكري الذي يحمي بوابة الأردن على بغداد ودمشق وسهره ليلاً ووقوفه نهاراً تحت شمس الصحراء بينما حكاياتنا هنا في واد آخر.
هي قامة الجندي التي علينا في مكاتبنا ومقاهينا أن نرتقي إليها في أولوياتنا، ولنقفز عن حكايات الصراع على منصب قد يأتي أو تغيير قد يفتح الباب للبعض أو أي مسار ﻻ يكون بحجم صدق الرجال الذين يصنعون لنا الأمن من أجل أن يؤدي كل واجبه ﻻ من أجل أن نتسلى بأولويات شخصية في مرحلة نتفق جميعاً أنها خطرة وصعبة.
(الرأي)