ما حصل في معان مختلف هذه المرة
ياسر ابوهلاله
28-06-2014 12:19 PM
في آخر مقال عن أحداث معان وجهت ثلاث أسئلة لوزير الداخلية. ومع ان الإجابة عليها تسهم في نزع فتيل الفتنة في معان إلا أنه آثر التجاهل، وهو ليس موقف شخصي منه بقدر ما هو سياسة عامة سواء للأجهزة الأمنية أم للحكومة بعامة . ولم تكن تلك التجاهل يخصني فقد طرح الزميل محمد أبو رمان أسئلة أكثر تفصيلا في مقاله عن الفيديو المسرب لاعتقال مطلوب وتعريته وتعذيبه .ولعل التجاهل يكون عين الحكمة في التعامل مع الملف الساخن وأكون مخطئا أنا وزملائي الذين لا يسايرون الحكومة في نهجها.
بعيدا عن الأسئلة وليس استكمالا لها. فما حدث في أخر قضية مختلف عما سبق. قتل شقيق المطلوب ليس جديدا فهي تاسع قضية خلال عام.السؤال الكبير وفي القضية المختلفة عما سبقها، وربما في تاريخ المملكة : كيف يطلق رصاصتان في مقتل على امرأة حامل وأم لأربعة أطفال وأمام أطفالها ؟ بصراحة هذا ما أصاب الرأي العام في معان وخارجها بالصدمة أما ان يصل عدد المقتولين الى تسعة خلال عام فهذا أصبح معتادا في إطار عقلية " قواعد الاشتباك " التي اعترف مستشار إعلامي بأنه وراء تبنيها. وهي مخالفة بشكل كامل للدستور والقوانين والأخلاق .
لم تقدم الحكومة ولا الدرك ولا وزير الداخلية تفسيرا ولا اعتذارا ولم تعلن عن فتح تحقيق. ولم يقم مسؤول بمواساة الأطفال ودعمهم نفسيا وأمهم في حال الخطر وشاهدوها تدمى أمامهم كما شهدوا مقتل عمهم. هؤلاء الأطفال سيكبرون وسيحملون مشاعر وأفكار ودية تجاه الدولة ويبادلونها حنانا ورعاية بالمثل. وكذلك الأب والأخ وابن العام والجار في مجتمع جعل عرفه العشائري دية المرأة بأربع !
بانتظار الأجابة التي قد لا تأتي أذكر بمثال ليس من السويد؛ أخطر قضية أمنية واجهت الأجهزة الأمنية الأردنية منذ عقود كانت محاولة تفجير مبنى المخابرات العامة. وأخطر مطلوب كان عزمي الجيوسي. بحسب لائحة الاتهام كان الجيوسي مقيما إقامة عائلية في الشقة الآمنة وكان هو ومرافقه مسلحان والشقة التي فيها زوجة وأطفال ثكنة عسكرية. في الاقتحام قتل مطلوب وجرح ضابط ولم تتعرض الزوجة والأطفال لأطلاق الرصاص. وقبض على الجيوسي وحكم بالأعدام لاحقا. أكثر من ذلك ساجدة الريشاوي كانت انتحارية وقتل زوجها في تفجيرات عمان ولم يطلق عليها الرصاص! ً
في معان لا يوجد مطلوب خطر ، وكل القائمة التي أعلنت لا تستدعي إطلاق رصاصة على مطلوب. لكن كل مطلوب صار يفضل أن يقتل بالرصاص على أن يتعرض للأهانة كما في الفيديو المسرب الذي صوره رجال الأمن العام. أما قصة المرأة المصابة فكانت تفكر كيف تحمي أطفالها من صليات الرصاص. وهي لا تعرف ، مثلنا ، ما هي قضية المطلوب الذي لم يعتقل !!