آخر فصول خطة تقسيم العراق
د.رحيل الغرايبة
26-06-2014 01:30 PM
خطة تقسيم العراق بدأت عملياً عندما تمّ فرض الحصار الأممي بقيادة الولايات المتحدة بعد عام 1990، على إثر احتلال الكويت، وتمّ حظر الطيران على خطوط العرض التي جعلت العراق ثلاثة أقاليم؛ إقليم الشمال الكردي وإقليم الجنوب الشيعي وإقليم الوسط السني، ومنذ ذلك الوقت بدأ الفصل الأول من الخطة من ناحية عملية للسير التدريجي نحو تحقيق هذه الغاية بوضوح وجديّة.
فالأكراد وضعوا معالم دولتهم، ورسموا حدودها، واختاروا عاصمتها، وشكلوا جيشها وأحزابها، وانتخاباتها، وعلمها وعلاقاتها مع دول الجوار، ولم يبق إلّا اختيار الوقت لإعلان الدولة الكردستانية المستقلة تماماً.
أما عملية الفصل بين الإقليمين الشيعي والسنة، فقد تكفل المالكي المدعوم أمريكياً وإيرانياً من تنفيذ خطة مرسومة بمراحل عملية نحو تحقيق الفصل عبر الاستئثار ببناء جيش عراقي طائفي بامتياز، وقيادة حرب مذهبية موجهة، من أجل اضعاف أهل السنة وتهجير قياداتهم وزعاماتهم، وتجريدهم من كل أوراق القوة، وزيادة الهوّة بين الطرفين بحفر خنادق مملوءة اشلاءً ودماً، واستدعاء كل أحقاد التاريخ وثارات الحسين، من أجل الوصول المحتم إلى حالة الانفصال الشعوري والمادي، التي يستحيل فيها التعايش، وتنعدم فرص اللقاء وتهيىء للانفصال المطلوب.
المفاوضات التي جرت بين الرئيس الإيراني الجديد «روحاني» والأمريكان تشير بوضوح إلى صفقة تاريخية، تخص المفاعل النووي الإيراني، مقابل دور إيراني مرسوم ومحدد المعالم تجاه العراق وسوريا ولبنان وبقية دول المنطقة، ولذلك تتبدى بوضوح ملامح التفاهمات الإيرانية – الأمريكية، حول بند تنفيذ خطة تقسيم العراق، وهناك تفاهم أمريكي- تركي حول الموضوع نفسه، حيث تولت تركيا دعم الجانب السني وتسليحه من عشائر وثوار ومنظمات سلفية جهادية وقوى سياسية سنية أخرى، تحالفت جميعاً ضد العدو المشترك المتمثل بتحالف (المالكي) الشيعي المدعوم والمستأثر بالموارد والقوة والدعم .
إصدار الأوامر للجيش العراقي بالانسحاب بلا مقاومة، ورسم حدود الحشد حول المناطق الشيعية، يشير بوضوح إلى موقف إيران المنسجم مع التفاهمات المرسومة التي تقتضي الصمت على دور تركي محدد، وكذلك الموقف الأمريكي الذي اكتفى بإرسال المستشارين الذين سيشرفون على تنفيذ التفاهمات الإقليمية، التي لا يشكل العرب فيها إلّا أدوات التنفيذ الجزئي المحدود والتغلب على عقبة فض الاشتباك في بغداد وبعض المدن والبلدات العراقية المختلفة.
خطة تقسيم العراق أصبحت في مراحلها الأخيرة، التي سوف تكون مصاحبة لإعادة ترتيب الإقليم بأكمله، وسوف نشهد في المستقبل القريب ترتيب أوضاع القطر السوري وفقاً للوضع الجديد المرتبط بالوضع العراقي وعبر القوى الإقليمية نفسها التي سوف تتقاسم النفوذ والأدوار، والشيء المحزن في هذا المشهد أن العرب أرضاً وشعوباً وأقطاراً هم القصعة التي يجري التنافس عليها وهم وحدهم الذين يدفعون الثمن، والعرب هم أقل الأطراف أثراً في المعادلة القائمة، وهم بمجموعهم لم يستطيعوا حتى هذه اللحظة أن يشكلوا قوة إقليمية مؤثرة توازي إيران وتركيا وإسرائيل، وللمراقب الحق أن يسأل عن دور الجامعة العربية المغيب عما يجري في العراق الذي سيصبح قريباً ثلاث دول، كما أصبحت السودان دولتين قبل سنوات قريبة.
(الستور)