رئيس الحكومة الأسبق سمير الرفاعي، يلتقي في دبي بعشرات الشخصيات الاقتصادية الأردنية في الامارات،في سياق أمسية اقامها مجلس العمل الأردني في دبي.
هي أمسية سبقت مشاركة الرفاعي،في منتدى وسائل التواصل الاجتماعي الذي حضره مئات الاعلاميين العرب والاجانب، وحظي بتغطية مهمة من شبكات التلفزة ووسائل الاعلام.
تأثير مواقع التواصل الاجتماعي،هذه الايام،امر لايمكن تبسيطه ولا اعتباره عاديا،في هذا العالم،والاعلام اليوم بات يجد شريكا اقوى منه في حالات كثيرة.
في كل الحالات فأن كلام الرفاعي امام الشخصيات الاقتصادية الاردنية المقيمة في دبي،كان لافتا للانتباه،خصوصا،ان اعداد رجال الاعمال الاردنيين في الامارات والخليج عموما كبيرة.
أغلبهم لا يقترب من الاردن استثماريا لاعتبارات كثيرة،مشاكل الاستثمار في الاردن،فوق العراقيل، والصورة النمطية السلبية التي يتم تسويقها لغايات اي مستثمر، فتتأمل لهاثنا وراء الاستثمار العربي والاجنبي وتركنا لاثرياء الأردن في الخارج.
في تقييمات الرفاعي للمشهد الداخلي في الاردن، يرى ان الاردن لا يواجه تهديدات،بقدر مواجهته لتحديات،والكلام هنا مثير للنقاش،لان كثرة منا تشعر ان البلد مهدد في وجوده وكيانه واستمراره وسط هذه الحرائق التي تجتاح كل جوار الاردن من مصر وسورية وصولا الى العراق،فوق الاحتلال في فلسطين.
يرى الرفاعي هنا ان مايواجهه الاردن مجرد تحديات وليس تهديدات،لان الاردن تفاعل سابقا مع التطورات الاقليمية واستطاع ان يحقق القدر الاعلى من التوازن بما ادى فعليا الى نجاته.
يتوقف الرفاعي عند ازمتين هنا،السورية والعراقية،ويعتبر ان الازمة السورية تركت تأثيرات كبيرة،على الاردن،على الصعيد الاقتصادي، وهي تضغط على امكانات الاردن وموارده،وعلى البنى التحتية في المحافظات، فوق تأثيرها على حياة الاردنيين وفرص عملهم.
الكلام يمتد هنا الى الازمة العراقية،التي لم يخفف الرفاعي من اخطارها،لكنه اعتبر ان معالجة آثارها امر تتولاه المؤسسة العسكرية والامنية في الاردن،دون ان يتناسى هنا،الاثر الاخطر لهذه الازمات،اي شيوع ثقافة التكفير والتطرف والانعزال،وهي سمات من الواجب مواجهتها بخطاب تنويري يتسم بالاعتدال.
كلمة السر في حديث الرفاعي،كانت اشارته الى ان الاردن ركن رئيس وثابت من ثوابت الاقليم، وتعبيره يترك لك الاستنتاج كيفما شئت،لكنه يحمل دلالة تقود في المحصلة الى ان الاردن ليس مهددا،في وجوده،باعتباره ثابتا من ثوابت الاقليم.
في الاستنتاج هنا ،فأنه لايمكن ان نصف بلدا باعتباره ركنا اساسيا في الاقليم وثابتا من ثوابته،مالم تكن هناك إرادة داخلية من جهة، وارادة عربية واقليمية ودولية،تضعه في هذا السياق، والمعنى ان لانية ولاقرار في العالم،بالسماح لاي اخطار بالاطلال على الاردن بما يؤثر على وجوده وثباته.
هذا يقود في المحصلة الى ان الاردن ليس مستهدفا من اي قوة عالمية،لاعادة تشكيله او التأثير على موضعه السياسي،وبالتالي لن يتم السماح لاي قوة اقليمية بفرض ارادتها او بصماتها او نزعاتها على الاردن في سياقات التغيير التي نراها بالسلم او الدم.
الخلاصة ان بقاء الاردن باعتباره ركن الاقليم،تفرض علينا هنا معالجة لقضايا الداخل،حتى لاتتسلل رياح الفوضى،كما ان الداخل ضمانة البقاء الاساس، في وجه اي عواصف.
التوافق الدولي على ضمان الاردن وصيانته،امر مهم جدا ،ويجب ان يستند على داخل اردني،يتسم بالايجابية،وهذا يفرض معالجة قضايا كثيرة،من جانب كل اطراف البلد،المجتمع والمؤسسات والبوصلة العامة ايضا.
قلنا سابقا،ومازلنا نقول إن بلدا صغيرا مثل الاردن،ويعاني من الفقر وازمات الجوار،اثبت ان قدرته على النجاة تفوق دول كبرى غنية وقوية،وهذه بحد ذاتها حالة ليست سهلة،ولابد من ادامتها،في ظل مانراه من تساقط الدول،وتحول كل المشرق،الى مشرق ذبيح.
(الدستور)