.. الذين ينتظرون «الصيحة» ويستدرجون «الفزيع» اهتموا بصور تلفزيونية لدبابات أردنية، أو أيّ دبابات ليكملوا خبر «استنفار» القوات الأردنية.. مع بعض صور لمعبر الكرامة الأردني، ومقابلة سائقين ربما لم يكونوا في طريبيل.
وذهب «الخبراء» في المنظمات المتطرفة إلى مظاهرة تأييد محدود جداً لمقاتلي داعش، ليبنوا عليها تحسبات تضع البلد بين داعش على الحدود الشرقية وداعش في الداخل..
والمهتمون «بالخطر» على الأردن لا يهتمون، مثلاً، بتصريحات وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فاربي باتخاذ بلاده إجراءات احتياطية خشية انتشار العنف في البلد العراقي الجار، وزيادة الرقابة والمتابعة للحدود الطويلة بين البلدين!!. فلماذا الاهتمام «بمصير» الأردن، وعدم الاكتراث لما يقوله الإيرانيون .. وهم من هم في الهيمنة على الداخل العراقي؟؟.
.. وبغض النظر عن «الفلكلور» السياسي الأردني، والنشاط الفائض الإعلامي، فإنّ حياة الناس العاديين تستمر دون أي تغيير، فالمهم هو تأمين حاجيات رمضان، وترتيب الانفاق على الطعام في الشهر الفضيل، وإذا كان لا بد من الشكوى، فالناس يفضلون الشكوى من ارتفاع سعر البقدونس على الشكوى.. من داعش!!.
لا نفهم لماذا لم ينجح نصف قرن من الصمود الوطني في وجه عواصف الخارج وعواصف الداخل.. لم ينجح في اقناع شرائح بأن الوطن أقوى من كل العواصف، وأن الأكثرية الصامتة هي التي تقف وراءه ونظامه وتفتديه وان الصياح «والبربكة» ليست أكثر من حالة صوتية لا تغير من حقائق القوة والاستقرار والصمود.
منذ البداية كتبنا عن حجم التضليل الإعلامي في قصة داعش، فهناك ملايين العراقيين الرافضين لحكم الطائفة، أو حكم التعصب المذهبي المحسوب على ولاية الفقيه في طهران. وهناك ملايين من الرافضين لاجتثاث أحزاب سياسية لها وجود تاريخي في العراق منذ منتصف القرن الماضي. والرافضين للاحتلال الأميركي وايتامه حتى بعد انسحاب قواته المسلحة.
ومن الطبيعي ان تحمل هذه الملايين السلاح وتواجه حكم الفرد - المذهب - الامتداد الايراني في بلد الرشيد. واثبت الاسبوع الماضي ان داعش ليست إلا «خرّاعة خضرة» كما يقول العراقيون، وان وصول التغيير الى معبر الكرامة الاردني لا يغير شيئا في ثبات البلد، الذي بقيت جذوره ثابتة مع سوريا ومع العراق ومع الجميع رغم كل المتغيرات والحقيقة ان وجودنا الصامت الجدي على الطرف الاخر من الحدود هو وجود قوي اكثر مما يتصور الكثيرون، وهو وجود لا علاقة له بالمال او بالسلاح او بالتحريض الاعلامي.
لا نزعم اننا سنغير من الفلكلور السياسي الاردني، والنشاط الفائض الاعلامي، ونجعل الاقلية تؤمن بالبلد والنظام والاستقرار، ولكننا نزعم اننا لا نمارس اللعب على حبال السيرك.
(الرأي)