متهم بتمويل داعش: غباء وكراهية .. !!
حسين الرواشدة
26-06-2014 03:28 AM
على مدى الايام الماضية تلقيت عشرات الاتصالات من اصدقاء وسياسيين واعلاميين ،من داخل الاردن وخارجه, بعضهم سأل عن سبب ادراج اسمي في قائمة اصدرتها بعض الجهات المجهولة و تتضمن اسماء شخصيات معروفة جرى تصنيفها ضمن “الداعمين والممولين” لداعش والقاعدة في العالم , وبعضهم عرض علي تقديم المساعدة ,فيما ذهب اخرون الى “تطميني” على اعتبار ان القائمة “كذبة” كبيرة ومحاولة للتشويه والاساءة وانهم تعرضوا لمثل هذه “الفريه” .
سبق لي ان علقت على الموضوع في هذه الزاوية, وأستأذن القارئ الكريم بالعودة اليه مرة ثانية ، لثلاثة اسباب, احدها ان بعض المواقع الاخبارية الاردنية(دعك من الخارجية) تعمدت نشر الخبر تحت عناوين مثيرة اشارت فيها بالتلميح او بالتصريح ان بين الممولين لداعش صحفيا اردنيا (اكثرها ذكرته بالاسم) , ثم نسبت القائمة المذكورة الى وكالة الاستخبارات الامريكية لتضيف على الخبر نوعا من الاثارة والمصداقية , وجرى استنساخ” الخبر “ من موقع لاخر دون الاشارة الى مصدره الحقيقي او التثبت من صحته, اما السبب الثاني فهو ان معظم المواقع الاردنية التي نشرت الخبر اعتبرته “مفأجاة” او سبقا اعلاميا (لمجرد ان القائمة تضم اسما اردنيا) لكن احدا منهم لم يتابع الخبر ولم يحاول ان يدقق في اسماء هذه الشخصيات وخلفياتها الفكرية, ولا فيما اذا كانت فعلا محسوبة على خط التطرف ام لا, مع ان كل الاسماء التي وردت معروفة ,ويمكن لأي صحفي مبتدئ ان يحصل على اية معلومات عن سيرتها و مواقفها ويحكم عليها بالتالي فيما اذا كانت”داعشية” او قاعدية , او انها ضد هذه التنظيمات على طول الخط، اما السبب الثالث فهو ان توقيت نشر هذا الخبر كان مقصودا وملغوما ايضا ، فعلى امتداد محيطنا تتصدر “داعش” واخواتها نشرات الاخبار وتشغل الرأي العام العربي والدولي باعتبارها تشكل تهديدا للسلم العالمي ،وبالتالي فان مجرد “دس” اي اسم في قائمة الداعمين لها يبدو مثيرا للجدل والاستفهام ،سواء ممن شكك في المسألة او اخذها على محمل الجد.
لتوضيح المسألة لا بد من الاشارة الى عدة ملاحظات, اولها ان القائمة صدرت في نهاية شهر ايار / مايو من قبل وكالة انباء مجهولة الهوية (اسمها واي) , وتناقلتها وكالات اخبار ايرانية وعراقية ،والقائمة تضم 131 شخصية اسلامية وعربية معروفة من 31 دولة , وكلها من اتباع المذهب السني ومن المحسوبين على خط “التجديد” و التنوير في المجالات الدعوية الفكرية , وتخلو -باستثناء اسمي - من اي اعلامي, اما بالملاحظة الثانية فهي ان الخبر الذي نشرته الوكالة المذكورة لم يشر الى ان هذه الاسماء صدرت عن الاستخبارات الامريكية , وانما اشار في احدى الفقرات الى ان الخارجية الامريكية ووكالة الاستخبارات الامريكية ادرجت بعض الشخصيات من ممولي الارهاب “لم تذكر اسماءهم” فيما تعمدت المواقع الاخبارية الاردنية نقلا عن احدى وسائل الاعلام اليمنية تحريف “الخبر” وبدأته بالفقرة التي تنسب القائمة الى وكالة الاستخبارت الامريكية وواضح عموما ما المقصود من ذلك ، الملاحظة الثالثة هي ان الخبر الاصلي ذكر بان هنالك شخصيات عراقية من اصحاب رؤوس الاموال تضمنت هذه القائمة لكن جرى التحفظ عليها ولم تنشراسماؤها ،مما يعني ان مصدر الخبر تقف خلفه جهات عراقية محسوبة على تيار محدد ،وربما يكون لهذه الشخصيات نفوذا يضر بمصالح من سرب القائمة ،او ان الاشارة اليهم قصد منها “التحذير” والتخويف وربما الابتزاز.
حين دققت في الاسماء التي وردت بالقائمة وجدت ان المشترك فيما بينها هو (الاعتدال )ومن بين عشرات الذين اعرفهم او التقيتهم او سمعت عنهم او قرأت لهم من امثال د.احمد الريسوني، وسفر الحوالي ،ود.حارث الضاري، وسلمان العودة،و حامد العلي،و حسان موسى،ومحمد العوضي،والدكتور ناصر الصانع..وغيرهم، لم اجد اسما واحدا دعا او حرض على العنف، ولم اسمع ان كان لاحدهم موقف مؤيد او متعاطف لا مع القاعدة او داعش ولا مع غيرها من التنظيمات التي تقتل” باسم الله” ،فهم جميعا جهروا ضد الارهاب مهما كان مصدره ،ومن المحسوبين على خط الوسطية والحوار والسماحة ،سواء على صعيد العلاقة بين المسلمين او ما بينهم وبين الاخر من اتباع الاديان او المذاهب.
أشرت منذ سنوات طويلة الى ان رأس “الاعتدال” الاسلامي هو المطلوب , وان جماعات العنف والتطرف التي تعمل تحت راية الاسلام مطلوبة ومرحب بها ،وهي تقوم بوظيفتها المغشوشة على اكمل وجه(!) ويراد لها ان تنجح وتستمر ،وانا على يقين بان خطر “الاعتدال” بالنسبة لمن لا يريدون للاسلام ان ينهض ولا للمسلمين ان يتحرروا من تخلفهم او من “لعنة” الشيطنة التي تلاحقهم هو اشد من خطر “القاعده” وداعش واخواتها، فهذه التنظيمات هي اكبر “استثمار” لخصوم الاسلام لكي يحققوا مصالحهم ويتمكنوا من القبض على امتنا وتفكيكها او ادامة الصراع فيها وعليها.
كنت اشرت ايضا الى ان دخول “السياسي” على خط الديني او العكس وخاصة من قبل اتباع احد المذاهب التي ما تزال تتاجر “بالمظلومية”وتتعامل مع الاكثرية المسلمة بمنطق “الكراهية” والحقد دفع هؤلاء للاسف الى التحريض ضد كل من يخالفهم ومحاولة تخويفه ودفعه للاستسلام ومن المفارقات ان يكون الارهاب ذا دمغة اسلامية سنية فيما اتباع المذهب الاخر ملائكة ومظلومون ومعتدلون ايضا.
أعتذر عن الاطالة ولكن تبقى لدي كلمة للذين طلبوا مني الرد على القائمة او نفي ما ورد فيها من اتهامات ومع انه سبق وقلت بان القضية لا تشغلني ولا تستحق الرد ولا التعليق الا انني بصراحة اتشرف ان اكون واحدا من هذه الشخصيات المتهمة زورا بالارهاب، فأنا اقلهم علما وشهرة وفضلا ،ولن يدفعني ذلك الى التراجع عما اؤمن به وما يمليه علي ضميري تجاه الامة وقضاياه العادلة ،واذا جاز لي ان اشكر هؤلاء الخفافيش فلأنهم كانو اغبياء لدرجة انهم لم ينشروا اي اسم تدور حوله اية اشارة او تطارده تهمة بالارهاب ، ولانهم-ايضا - قدموا لي خدمة( الشهرة ) بالمجان في اوساط ربما لم يسبق لها ان قرأت لي حرفا واحدا ،واخيرا لان هذه التهمة زادتني ثقة بالخط الذي اسير عليه وحشرتني مع رموز أدعو الله ان يحشرني مع الصالحين منهم يوم القيامة.
(الدستور)