مع كل رمضان أو ما يشابهه من مواسم مثل المنخفضات الجوية العميقة التي تحمل ثلوجاً يسمع الناس من المسؤولين الرسميين وحتى غير الرسميين من جهات معنية بالغذاء والتجارة والاستيراد تأكيدات بـأن « السلع متوفرة في الأسواق ، أو أنها تكفي الأردنيين خلال الشهر الفضيل، وهي تصريحات دوافعها إيجابية لكنها غير ضرورية لأننا في الأردن لم نعان ولا نعاني من نقص السلع في الأسواق، ولم نسمع يوماً عن مواطن أو وافد أو شقيق عربي من الملايين التي تعيش على الأرض الأردنية قد ذهب إلى بقالة أو ( دكانة كبيرة ) في المولات والمدن وطلب مادة غذائية ولم يجدها، بل إننا جميعاً نرى المواد الغذائية مكدسة في كل محلات البيع وعلى كل سلعة يافطة لإعلامنا عن عروض وتخفيضات وتنزيلات.
نحمد الله تعالى على هذه النعمة التي نشعر بقيمتها ونحن نرى أشقاء حولنا يعانون وهم تحت نيران القصف أو الإقتتال أو التشريد، لكن الفكرة أن « الخطاب الرمضاني « من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية يجب أن لا يبقى يكرر ذات العبارات كل عام، لأن مفعولها عند الناس غير موجود.
فالناس تسمع من كل معني بالغذاء تصريحات لبعث الطمأنينة على أمر ليس هناك أي قلق تجاهه، لأن المواطن يرى أمامه كل شيء ويقرأ في الصحف إعلانات لعروض المواد التموينية وغير التموينية، وهناك إزدحام في كثير من مناطق العاصمة ومدن أخرى بالمولات، وأحياناً نجد مساحة لا تزيد عن مئات الأمتار فيها ثلاثة مولات وهذا حقيقي وفي مناطق عمان.
الخطاب والبرنامج الذي يسبق رمضان يحتاج إلى تغيير، والقصة الأساسية هي ما أشار إليها جلالة الملك في زيارته لرئاسة الوزراء قبل أيام وهي الرقابة ومنع الاستغلال وأن تتوفر المواد الغذائية بسعر مناسب في رمضان وغيره، وهنا نعود إلى القانون الذي يحكم هذه المعادلة: هل يعطي للحكومة القدرة الرقابة وضبط الأسعار بالشكل الذي يجب؟، أم هي صلاحية لمعاقبة من لا يضع سعراً على السلعة؟، ربما يكون هناك جدية في المتابعة لكن العبرة في الصلاحيات القانونية في ظل السياسة الاقتصادية العامة.
السلع متوفرة في رمضان وغيره، والناس مطمئنة لهذا، ولعلنا نشكو من الإسراف والتبذير، مع إدراكنا جميعاً أن هناك من يعجزون عن الشراء لضيق الحال وضعف الراتب.
وأخيراً فإن كلفة رمضان لدى بعض الفئات ليس من سعر الأرز والبطاطا بل من كماليات كثيرة يزداد إستهلاكها في رمضان... وكل عام والجميع بألف خير.
(الرأي)