مبدعات من الشمال إلى الجنوب
رنا شاور
25-06-2014 03:46 AM
كتبت الصديقة الدكتورة منار النمري على صفحتها في مواقع التواصل الاجتماعي تعقيبا على نجاح فتيات أردنيات وجدوا فرصتهن للتميز خارج الحدود: «صبايا الأردن من شماله إلى جنوبه ابداع وتفوق ورافعات الراس دوم».
رافعات الراس دوم.. لكن شهد التي درست في احدى المدارس الاقل حظا في الحسا ، لم تجد أي عمل بعد تخرجها الجامعي في العلوم الوراثية ، لتحصل بعد ذلك على منحة من الحكومة اليابانية بسبب تميزها الأكاديمي وتكمل دراساتها العليا في اليابان وتفوز هناك بجائزة «أفضل باحث شاب».
اسراء قصة ثانية ، فهي التي لم تكن تملك ثمن إكمال تعليمها في الأردن، تفوز بجائزة عالمية في الولايات المتحدة عن مشروعها البحثي في الهندسة الكهربائية بعد أن حصلت من احدى الجامعات الأمريكية على منحة لإكمال تعليمها في ولاية ميتشغن.
هذا وطن يفور بالمبدعين والمبدعات، لكنهم يفتقرون إلى مزيد من الاهتمام لتشجيعهم على إظهار أفضل مالديهم، خاصة أن منهم من يعيش ظروفاً صعبة أمام تقصير مجتمعي وحكومي وإعلامي، لتسبقنا إليهم جامعات ومؤسسات ودول أجنبية.
ويبقى درب المبدعات تحديداً أكثر صعوبة.. فالفتيات يحرزن في سنواتهن الدراسية تفوقاً دراسيّاً ملحوظاً ، ويحصدن المراكز المتقدمة على مستوى المملكة في الثانوية العامة ، وتتخرج معظمهن في الجامعات برتبة جيد جدا فما فوق، لكنهن في ظل تفوقهن يصطدمن بالاقصاء والتهميش أكثر من زملائهم الذكور، اذ لا زال في مجتمعاتنا من يرى أن التفوق مقدمة للتعليم العالي للفتيات دون الشباب، وهذا بزعمهم مؤشر إلى اعتلاء النساء سدّة صنع القرار بشكل أكبر خلال السنوات القادمة، ما يعني كذلك أن المرأة ستكون متمكنة اقتصاديا وإجتماعيّاً ، وقادرة على إعالة عائلتها، ما يضع الرجل، باعتقاد البعض، في خانة ثانوية. أضف إلى ذلك أن كثيرات يبذلن ضعف الجهد في بيئة العمل لإثبات ذواتهن بسبب غياب مبدأ تكافؤ الفرص، في الترقية والأجر والتدريب.
مبدعاتنا يرفعن الرأس ، لكنّهن بحاجة إلى تحفيزهن على العمل والنجاح وتعزيز ثقافة المشاركة لديهن، بدل أن نكون حذرين من تفوقهن نتيجة الفوارق المجتمعية المتجذرة والمكتسبة التي تحدد أدوار المرأة والرجل من مسؤوليات وفرص وإمتيازات وخيارات وقيود.
هذا وطن يفور بالمبدعين، وكثير منهم، شابّات وشبّان، يضطرّ في غياب الشمس لأن ينضج في الجليد.
(الرأي)