مدينة، هندستها سيخ شاورما
سليمان القبيلات
05-03-2008 02:00 AM
ما ان ينهوا رسم اشكال حية بملايين حبات الرمل الملون في اختزال لهيئة العالم الازلية حتى يبدأ الرهبان البوذيون بهدمها في تاكيد على قدرة الانسان الهائلة على التخريب رغم بشاعته. في مدينة عمان 20 منطقة بلدية يجمعها الاسم وتفرقها كيمياء التكوين، أي أنها بلا رابط ينظمها بشريا وحضريا وهي في آن لم تنسج عبر عقود وجودها علاقات مدنية بين ناسها. انشطار ذري اجتماعي وعمراني يؤصل الشتات القبلي والجوانيات المسكونة بالماضوية وانحيازاتها وتراكماتها لتبدو المدينة بصفتها مضارب قبلية متجاورة لا متداخلة.
"حي القيسية" الشهير يتأبط ضاحية عبدون "الراقية" رغم مسعاها الحثيث لدفعه الى الهاوية . صعودا من "المحطة" يبدأ الجبل بالتملص والانفكاك من مظاهر فقر المكان الى "ترف" جبل الحسين المُطل بنظرة ملؤها الشزر الى "المخيم" اللصيق او ضوضاء البلد الفائضة بالزوامير وأدخنة "كزوزتات" سيارات بدا ان شطط اسعار الوقود حد منها في تجل "ايجابي" للغلاء الطاحن.
أما الخد الجنوب الغربي لجبل عمان المطل على راس العين فيشكو سحابة التلوث التي ترسم خيمة من ادخنة تملأ سماء المكان.
ببساطة ما يسمى تطوير عمان يبرز تكريسا للتكيف مع الفوضى الموروثة وانعدام الناظم المديني بكل ما للكلمة من معان، فترى طرقا نظيفة تسلكها في حي راق في حين ان طرق الحي الفقير المجاور او المقابل تنضح بمياه التنظيف المستعجل للبقالات وسواها ، لعل هذا يؤكد غياب العقلية الواحدة في المدينة الواحدة .
مدينة الشطائر الاجتماعية التي تفيض بتعبيرات تؤكد انتفاء المجتمع حتى في صيغه الجنينية. ومن ذلك ان المكان العماني القديم او المستحدث لا يبدو ذا بعد كياني في "الشخصية الاردنية" فيتأصل في شعورنا جميعا مكانا للعبور الى حال لا ندري ماهيتها . هكذا كنا وهكذا سنبقى كصانع سيخ شاورما من بعد تورمه يأخذ بالتلاشي شيئا فشيئا بفعل وهج النار والسكين الذي لا ترحم ..
في هندستها تشبه عمان المجتمع والمدينة سيخ شاورما تحترق بعض اطرافه في غفلة عامل فاجأه انقطاع الزبائن .