إن ما يجري في المنطقة العربية والإقليم كما الساحة الأردنية أمور تستدعي وقفه جاده وإعاد نظر في مُجمل السياسات التي مورست وتٌمارس على كل الأصعدة أهمها الأمني والإقتصادي ، فقد بلغ السيل الزبى وأن أية مماطلة أو تأجيل أو تسويف إعتادت عليه الإدارات المتوالية في هذا الوطن من شأنه أن يزيد الأمور غموضاً وتعقيداً و يأتينا بنتائج لا يٌحمد عُقباها.
لقد بات الإصلاح السياسي والإقتصادي والتشريعي ضرورة تأخذ صفة الإستعجال أكثر من أي وقت مضى ، فلم يعد لدينا ترف الوقت ، فالأوضاع تزداد سوءاً والمؤامرات والدسائس والأطماع السياسية للأعداء تتفاقم ، ولم يعد ممكناً تمييز الأعداء من الأصدقاء فقد اختلطت الأوراق وحدثت مفاجأت قلبت المعادلات والتحالفات بما يقتضي إعادة التقييم والمباشرة في وضع برامج حقيقية وجداول زمنية ومعايير قياس فالإصلاح الآن صمّام الأمان لهذه الأمة يحفظ توازنها على أن يكون إصلاحاً شاملاً لجميع مناحي الحياة التي تهلهلت بفعل إدارات ضعيفة لم يكن همُها إلا خدمة أجندتها فتمحورت انجازات سلطاتها حول مصالح أفرادها و جَيّرت كل انجازات الوطن و مقدراته لخدمة مصالحها .
لقد آن الأوان لوضع البرامج الكفيلة بإعادة ثقة الشارع بهذه السلطات ، إن وحدة الوطن بكافة مكوناته وإلتفافه حول قيادته ومؤسساته الدستورية لن تتأتى إلا بالبحث عن حاجات المواطن وتلبيتها وتلبية طموحاته في محاسبة الفاسدين وإعادة الأموال المنهوبة فالقناعة لدى الجميع أن الحكومات المتعاقبة أغفلت حراك الشارع ومطالبه وانقلبت عليه ظناً منها أن فشل انقلابات الربيع العربي سيكون عبره لمن يَعتبر ، فتمادت الحكومات في تجاهل مطالب أبناء الوطن ، ليس هذا فقط بل زادت المعاناة وواصلت الممارسات التي حرمت الأردنيين من حقوقهم ، وواصلت التجاوز عليهم و تمادت في توريث المناصب والتعينات وتوزيع مكتسبات الوطن منحاً و جوائزاً و مكافأت .
لقد بات الإصلاح ضرورة وطنية لمواجهة المتغيرات والتطورات الإقليمية والدولية فلا بد لهذا الوطن من العمل على بلورة وتطوير واستخدام قدراته المادية والبشرية والإبداعية والمعرفية ليصبح قادراً على النهوض بمتطلبات المرحلة ومستجداتها وتحدياتها بالشكل الذي ينعكس إيجاباً على مناحي الحياة الأردنية ومكانة الأردن على الساحة الدولية ، ولدينا من الخصائص والقدرات والموارد والمؤسسات ما يُشكل قواماً لوطن عزيز قوي .
انظروا إلى طاقات الوطن المهدورة ؟؟!! وانظروا إلى امكانيات الوطن الغير مستغلة ؟؟!! وانظروا إلى ثقافة ومؤهلات أبناء الوطن ؟؟!! فهل بالإمكان تحويل هذه التحديات إلى عناصر قوه لبناء قاعدة علمية تكنولوجية ثقافية صناعية اقتصادية قادرة على تحقيق طموحات الأردني في الحصول على الوظيفة حين يطلبها وعلى السكن الكريم والتعليم المجاني وخدمات الصحة والأمن بما يكفل حياة كريمة لكافة الأردنيين.
إن تطوير قدراتنا على استخدام عناصر التمييز وعوامل الإنتاج مثل الموقع الجغرافي والموارد الإقتصادية والقاعدة العلمية والصناعية والتكنولوجية والقيم الثقافية إضافة إلى المؤسسات القائمة كالقوات المسلحة وأجهزة الإستخبارات والأدوات الدبلوماسية والإحتياطيات النقدية ما يضع الدولة الأردنية على خارطة النظام السياسي والإقتصادي العالمي.
إن المحاولات المتكررة للحكومات الأردنية على الإعتماد على القروض والمساعدات وتكريس مقولة الوطن الضعيف العاجز المُحتاج دوماً لمن يساعده لا تستند إلى أية أُسس سوى إنعدام الرؤيا وقُصْر النظر وعدم تقييم الإمكانيات الفعلية الحقيقية للوطن الأردني الذي يملك كل مقومات الوطن القوي العزيز لو أُتيح استخدام إمكانياته وقدراته بالشكل الصحيح .