لا مجال للتغاضي عن حقيقة ان بلدنا اليوم في دائرة الخطر جراء ما تشهده دول الجوار من احداث جسام ، وان النار تحيط بنا من كل الاتجاهات ، وفي وقت نتمنى فيه السلامة لكل الاشقاء من حولنا ، فان اقصى ما نتمناه ونسأل الله العلي القدير ان يتحقق، هو سلامة الاردن ونجاته من اي اذى ايا كان مصدره ، ففي بلد كالاردن الذي يستضيف مئات الالاف من الاشقاء الذين ساقتهم ظروف الاقتتال الى رحابه ،لا بد من التحوط على نحو يكون الجميع فيه مسوءولين عن سلامة البلد وامنه واستقراره، وتلك مهمة نتحملها نحن واياهم جميعا في هذا الظرف الدقيق.
ليس هذا وقت التلاوم وتبادل الاتهامات ، بل هو هو وقت ممارسة المواطنة الحقة في اصدق تجلياتها بمعزل عن الشكوى والتذمر او العتب، والوقوف مع الجيش والقوى الامنية في خندق واحد ، درءا للخطر وتوحيدا للصف ونبذا للاشاعات ومنعا للانزلاق لا قدر الله نحو ما لانريد ولا نتمنى .
نثق بقدرة جيشنا العربي الاردني الباسل وقوانا الامنية على حماية الوطن في الداخل والخارج على حد سواء، ونجزم ان هذا الواجب الوطني المكفول والمترتب دينيا ووطنيا واخلاقيا هو فرض علينا جميعا وفي كل المواقع ، ومهما كان العتب او الشكوى تحت وطأة الفقر والبطالة فان واجب الدفاع عن الاردن يرقى في اوقات الشدة والاخطار فوق كل اعتبار، فهو الوطن ولا ظل لنا جميعا بعد ظل خالق الكون ومدبر امره جلت قدرته الا ظله .
نقدر عاليا جهود الساهرين على حماية الاردن وامنه وهو امننا جميعا ، ويتجلى التقدير في احسن واصدق صورة عندما يشعرون بان الجميع معهم يشدون من ازرهم ويمارسون الواجب ذاته في الدفاع عن البلد ورد العاديات عنه بكل همة واخلاص .
نحن لا نعادي احدا من قومنا واهلنا العرب ولا نساند الظلم ابدا ونسأل الله الهداية والسلامة لهم ، فالدم العربي المسفوح بايدي العرب يؤرقنا، والتشرد والضياع والدمار الذي يحل بالعرب يقض مواجعنا وما بيدنا حيلة ، ولكم نتمنى زوال الظلم واسباب الانقسام والصدام من دنيا العرب ، كل العرب ، وقد جعلهم العزيز الجبار خير امة اخرجت للناس وارادهم مشاعل نور للبشرية مثلما كانوا ، ولكن ما بالايدي حيلة وقد تكالبت عليهم الامم وتقاطع مصالحها ومزقتهم شر ممزق، بدل ان يكونوا موحدين قادرين على فرض ارادتهم ووجودهم وقرارهم على كل طامع وطامح لكسر ارادتهم والهيمنة على بلادهم وقد شرفتها السماء بان جعلتها ارض الرسالات ومهوى افئدة البشر .
لا حول ولا قوة الا بالله ، فنحن اليوم مطالبون حيث لا ذنب لنا بما جرى ويجري وبما كان او سيكون ، بان نحمي بلدنا من الانجرار لاسمح الله الى الهاوية ، فكل امر قابل للاصلاح وبالحسنى بعونه تعالى ، ولاعذر لنا ابدا إن نحن تقاعسنا ، ونحن جميعا في مركب واحد ، إن نجا نجونا وإن لاقدر الله انزلق فالله وحده سبحانه اعلم بالمصير .