لا نريد تجريح النواب،إذ يكفيهم نقد الناس لهم في كل مكان،وهذه الغضبة العرمرمية ضد الحكومة ومهرجان جرش وجهات اخرى، من أجل اخطاء بروتوكولية تحدث في كل الدنيا،غضبة مذمومة وغير مفهومة.
كل القصة تتعلق بانسحاب رئيس مجلس النواب من مهرجان جرش، لخطأ حدث في الترتيبات البروتوكولية،ونحن نريد تبني روايته، ونتضامن منه، بشأن عدم جواز المساس بموقعه و شخصه ايضاً.
غير ان اللافت للانتباه هذه الكوميديا في العبدلي التي رأيناها وسمعناها إذ يغضب النواب فجأة لاجل هيبتهم المفقودة، ويقررون التصعيد ضد كل الجهات الرسمية بكلام غير لائق.
يغضب النواب لاجل كراسيهم،والأردن محاط بالاخطار والمصائب من حوله وحواليه، والجيش على الحدود،فتتأمل المشهد بمرارة شديدة، فأين هي أولويات النواب،كراسيهم ام استقرار الاردن وصيانته في هذا الظرف الحساس،وهل يجدون وقتا ومتسعا لهكذا حركات داخل البرلمان في هذا التوقيت؟!.
تغضبون من اجل كراسيكم، وجراء ماترونه مساسا من الحكومات بمكانتكم،والاجابة على هكذا حالة سهلة،فأنتم من تنازل تدريجيا عن كل ماهو له ومصان في الدستور من حقوق، من رقابة وتشريع، وأنتم الذين اركبتم سلطة على اكتاف سلطة اخرى، وهذا هو واقع موروث عبر السنين الفائتة، ولايتم محوه في ساعة.
مؤلم جدا ان نرى النواب والاردن على مشارف خطر كبير يمس امنه واستقراره، ويصل الى بنيته الداخلية واقتصاده المتعب، فيتركون كل هذا و يستذكرون الهيبة المفقودة بشكل مفاجئ.
ثم ان قصة الكراسي والترتيبات البروتوكولية على اهميتها من حيث المبدأ، كان يمكن معالجتها بدون هذه الضجة المفتعلة، ودون كلفة سياسية واثارة للصداع في رؤوسنا.
القصة في نهاية المطاف لاتستحق هذه الغضبة، التي كنا نتمناها لاجل فقراء البلد، ولاجل الجياع، ولاجل الطلبة الذين لايجدون مصروف يومهم،ولاجل مظلوم هنا او هناك.
كان الأصل ان نراها تضامنا مع الجيش الذي لايعرف رجاله قصص الكراسي، و يتوسد رجاله رمل الأرض وأفق السماء،في واجبهم في هذه الظروف الصعبة والقاسية التي تمر على المنطقة.
مرة اخرى ليس من حق أحد مس النواب في اي قضية بروتوكولية،غير ان من حقنا على النواب،ان يتنبهوا قليلا الى التوقيت الذي يعصف بالدنيا والبلد،لاننا لسنا في احسن احوالنا حتى يجد بعضنا وقتا لهكذا قصص.
(الدستور)