هل يمكن لرسالة عمان ان تنقذ العراق من الحرب الاهلية؟
23-06-2014 05:10 PM
ما يحدث في العراق من تحشيد وقرع طبول الحرب تحت عناوين الجهاد والجهاد المضاد مخيف للعراقيين...ولنا...والعالم. ويبعث على الرعب...وربما لم و لن تشهد المنطقة ازمة تتجاوز في عمقها وخطورتها وتهديدها للنسيج الاجتماعي والسلم الاهلي في المشرق العربي كما تحمله هذه الازمة...
تتغذى الازمة الحالية ان استعرت كما تشير التطورات من ارث تاريخي متراكم من الكراهية والاحقاد والرغبة في الانتقام تولد على خلفية تصدع الامة في نهايات العهد الراشدي وظهور الفرق الاسلامية في ضوء المواقف المتخذة حيال احقية الخلافة الاسلامية في اعقاب اغتيال عثمان بن عفان وانقسام الامة بين مؤيدي دعاة انتقالها الى علي بن ابي طالب او مبايعة معاوية بن ابي سفيان الذي اعلن انه الخليفة ونقل عاصمة الخلافة الى دمشق للمرة الاولى في تاريخ الدولة الاسلامية التي اخذت تبسط نفوذها على العالم بسرعة اذهلت كل المتابعين....
امتدت الصراعات التي اودت بحياة عشرات الاف المسلمين الذين وجدوا انفسهم بين خيارات غاية في الصعوبة مما ادى الى ولادة مزيدا من الفرق الاسلامية التي وجدت نفسها غير متفقة مع الفرق القائمة والمتنازعة.
اليوم وبعد مرور ما يقارب ال14 قرن على هذه النزاعات التي اودت بحياة الحسن والحسين..في احداث درامية غاية في القسوة والوحشية.. واحتدام الصراع بين من تشيع لآل البيت من جانب ومن وقف مع معاوية وآل أمية من جانب اخر...
منذ ذلك التاريخ ظهر في الاسلام طقوس وشعائر غير تلك التي مارسها النبي واصحابه في فجر الاسلام...فتحولت انظار بعض المسلمين الى كربلاء وعتباتها...واصبح اللطم والندب والندم والحزن و طقوسه مظهرا من مظاهر الاحتفال في احياء ذكرى شهادة اﻷئمة في بكائيات ومواكب كربلائية ابقت الاحداث حية في وجدان عشرات الملايين من الاجيال التي توالت بعد انقضاء الحوادث والحروب بقرون....
لقرون اصبح الحس بالاضطهاد والظلم والتضحية العوامل الاهم في توحيد ابناء الطائفة الشيعية وتمييزهم عن اهل الجماعة عبر كل هذه القرون....فتطورت ثقافة الطائفة فكرا وعقيدة وروحا وطقوسا وسلوكا وفقها ومنهج حياة...
لقد اصبحت ولاية الفقيه احد ابرز الملامح التي تميزها عن غيرها من الجماعات والفرق التي خرجت او اعتزلت او نأت بنفسها عن الصراع الذي احدث شرخا في بناء الدولة التي وعدت بان تغير وجه التاريخ لتشيع الخير والعدل والمساواة.
اليوم وبعد انهيار القبضة الحديدية التي استخدمها صدام كما الحجاج بن يوسف جمعت العراقيين تحت شعار بعث الامجاد القومية للامة...وبعد اسقاط نظام البعث من قبل الامريكان في اعقاب الغزو2003 واذكاء الروح الطائفية واشعال رغبة الانتقام لدى مكونات المجتمع العراقي...شيعة وسنة...اكرادا وعربا....سريانا وتركمانا....مسلمين ومسيحين ويهود....ومع فقدان السلطة السياسية لقدرتها على اشاعة الامن والعدل والرخاء....وقيام بعض الجماعات بالاستيلاء على موارد البلاد واقصاء وتهميش الجماعات الاخرى بدأ البعض يبحث عن ارضية مشتركة لتحقيق شرط التماسك وخلق روابط بين الجماعات المقهورة والراغبة في التغيير. فظهر الاستقطاب باشكال والوان وفياسات مختلفة...غذته القيادات البائسة التي امنت بالتفريق بدلا من الوحدة...والانتقام عوضا عن التسامح والطائفية بدلا من دولة الامة.
لا احد يعرف الصورة الكاملة لما بحدث اليوم في بلاد ما بين النهرين. فمن الممكن ان تكون الجماعات المسلحة ذات اللون السني واهل السنة والجماعة...وطوابير الذين احسوا بالظلم...وضباط وجنود الجيش العراقي المنحل والساسة ممن اشعرتهم الغالبية الحاكمة بانعدام جدوى مشتركتهم في تسيير شؤون البلاد..وكل المحبطين من بطء الاجراءات الهادفة للتأثير على نوعية الحياة بعد عقود من الحسار والحرب والوعد بإعادة البناء. ومن الممكن ان يكون غير ذلك.
اليوم مئات الكيلومترات تهوي وتسلم نفسها لحكامها الجدد وسط تخميناتنا حول من يكونوا.....البعض يرى انها جماعات جهادية سلفية...وبعضنا يعزو ما يحصل لفلول الجيش النظامي الذي تبخر كما تبخر جيش المالكي في وجه الثوار.....اخرون يظنون انها ثورة سنية في وجه الظلم الذي مارسه المالكي وحلفائه على اسس طائفية....
مهما يكن التفسير....وهوية الثوار فلا بد من تدخل سريع واحتواء للازمة...فالتخمين لا يفيد والانتظار قد يجعلنا امام امر واقع يصعب تغييره....الاردن اكثر الاطراف واقدرها على التدخل....الجميع ينتظر تدخلا عقلانيا.....نحن اصحاب رسالة عمان....نشرناها في كل ارجاء العالم.....نحن غير متطرفين.....الهاشميون هم آل البيت ومقبولين من الشيعة والسنة......لا بد ان يكون لنا دور.....الانتظار ليس في مصلحة احد.
علينا ان لا ننسى ان الحد الفاصل بين طريبيل والرويشد خط مستقيم تم خطه على طاولات التفاوض بين قوى الاستعمار في زمن لم يعترف فيه الاباء بالحدود المرسومة على غير جدران قلوبهم.