facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




طريق الحرير المعاصر يربط بين الحلم الصيني والحلم العربي *تشن جي

23-06-2014 12:52 PM

أقيمت الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين في 5 مايو، وخلال حفلة الافتتاح ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابا رئيسيا تحت عنوان "تنمية روح طريق الحرير وتعميق علاقات التعاون بين الطرفين الصيني والعربي"، احتفالا بمرور عشر سنوات على إقامة منتدى التعاون الصيني العربي، واستشرافا لمستقبل التعاون في السنوات العشر المقبلة.

يكمن مغزى خطاب الرئيس الصيني شي في أنه رسم بوضوح خارطة الطريق للتعاون الصيني العربي عن طريق طرح فكرة البناء المشترك بين الطرفين الصيني والعربي ل"الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"(أو ما يسمى باختصار "الحزام والطريق")، كما نوه سيادته بأهمية تنمية روح طريق الحرير المتمثلة في الاستفادة المتبادلة من حضارة الآخر، واحترام حق الآخر في اختيار طريقه التنموي، والتعاون المربح للطرفين، والحوار والسلم. ويتميز خطاب سيادته بأنه يكن مشاعر الود التقليدي بين الشعب الصيني والشعوب العربية، عبر استرجاع محطات مشرقة في مختلف الحقب التاريخية للتعاون الصيني العربي، مثل مساعدة الدول العربية للحكومة الصينية على استعادة المقعد الشرعي في هيئة الأمم المتحدة، وتبرع الدول العربية بعد وقوع زلزال وين تشوان المدمر بأسخى معونة مالية للمنكوبين، وفي المقابل، ذكر سيادته أن الصين أيدت وما زالت تؤيد بثبات نضال الشعب الفلسطيني، كما أن هناك آلافا من الأطباء الصينيين يساهمون بخبرتهم الوافرة وروحهم السامية في مساعدة المحتاجين في شتى دول عربية. هذه الحقائق تاريخية، وتبقى في ذاكرة القيادات والمواطنين العاديين من الطرفين.
وفي عصرنا هذا، يسعى الشعب الصيني والشعوب العربية وراء تحقيق أهدافهم التنمية العظيمة. فالطموحات الصينية يمكن أن نطلق عليها "الحلم الصيني"، والطموحات العربية يمكن أن نسميها " الحلم العربي". وهذان الحلمان ليسا متفاوتين متباينين في المضمون، بل هناك ملتقى بينهما، ألا وهو إنجاز النهضة القومية، بمعنى أن يواجه نهضة الأمة الصينية ونهضة الأمة العربية مهام مشتركة لترجمة الحلم الصيني والحلم العربي إلى واقع ملموس، نذكر منها:
1- تحقيق التحولات الاجتماعية السلسة، وهيكلة نظام الحوكمة الحديث الصالح، مما يتيح ضمانا مؤسساتيا لتحقيق الأهداف التنموية الأخرى.
2- تحقيق رغد معيشة الشعب، وجلب ثمار النجاح لكل فرد، فالفرد يعتبر خلية أساسية لكل مجتمع، كلما زاد نشاط الفرد، وتحقق طموحاته، كلما زاد نشاط المجتمع، وتحقق طموحات الأمة.
3- الارتقاء بمستوى التربية والتعليم، من أجل إعداد كوادر وأكفاء يضطلعون بكل مهام النهضة، وأي مجتمع بدون التربية والتعليم العالي الجودة، لن يحقق التنمية المستدامة.
4- تحقيق الاستقرار والأمن للمجتمع، وتوفير كل الإمكانيات لمواجهة تشى أشكال الإرهاب، والواقع أن الصين والدول العربية تعرضت كلاهما لأذى النشاطات الإرهابية التي تبعد عن الإنسانية وتترك مبدأ الحوار. فبدون تحقيق البيئة المستقرة، ربما ستذهب جهود الإصلاح سدى في أي لحظة من اللحظات.
5- تحقيق بناء إقليم منسجم وبناء عالم منسجم، فالأرض ككل، لا يمكن لأي جزء منها أن يعيش بسلام وانسجام مقابل التضحية بمصالح الأجزاء الأخرى.
6- التصدي للتيارات الثقافية غير الصالحة من الغرب وخاصة نفوذ وسائل الإعلام الغربية التي يتفننون في تشويه صورة الدول النامية، حرصا على أصالة ثقافة الأمة وهوية الأمة، وأيضا التصدي لكل محاولة غربية لفرض طريق التنمية، حرصا على جعل رغبة الشعب وليس رغبة الآخرين صاحبة القرار في تقرير المصير.
إذا قلنا إن طريق الحرير البري وطريق الحرير البحري هما طريقان تجاريان وثقافيان ربطا في العصور القديمة بين الشعب الصيني والشعوب العربية، وساهما كهمزة وصل في التبادلات المكثفة بينهما، ففكرة "الحزام والطريق" التي طرحتها سيادة الرئيس شي في خطابه، إنما هي طريق الحرير المعاصر، الذي سيربط الحلم الصيني بالحلم العربي.

فكرة بناء "الحزام والطريق" بشكل مشترك بين الصين والدول العربية ليست فكرة فضفاضة، بل هي فكرة مدروسة بدقة وقابلة للتنفيذ. فقد ذكر الرئيس الصيني مبادئها، وطرق تنفيذها، وأساس التعاون بين الجانبين.
ينطلق بناء "الحزام والطريق" بشكل مشترك من مبدأ التباحث، والتضامن، والتقاسم. التباحث يعني أنه يجب أن يتخذ الجانبان أسلوب التشاور والتباحث في تدبير كل الأمور المعنية، لتتفق ومصالح الجانبين. التضامن يعني أنه يجب على كل جانب تجنيد إمكانياته الكامنة وتوظيف مزاياها التكاملية، وعبر تضافر الجهود، يتحقق دفع إنجاز فكرة "الحزام والطريق". أما التقاسم فيعني أنه يتعين أن تخدم أية ثمرة أنجزت الشعبين بشكل أكثر عدالة وتوازنا، بغية تشكيل الوحدة المشتركة المصالح والوحدة المشتركة المصير بين الجانبين.

وأكبر نقطة لامعة تستدعي الأنظار حول طرق تنفيذ فكرة "الحزام والطريق" هي تشكيل منظومة"واحد+اثنان+ثلاث" التعاونية. "واحد" تعنى محورا واحدا للتعاون بين الجانبين هو التعاون في مجال الطاقة، بهدف بناء علاقات التعاون الأستراتيجي في مجال الطاقة بين الجانبين. "اثنان" تعني جناحين للتعاون، الجناح الأول هو بناء البنية التحتية، والآخر هو تيسير عملية التجارة والاستثمارات. ومن أهداف ذلك الارتقاء بحجم التبادل التجاري بين الجانبين من 240 مليار دولار عام 2013 إلى 600 مليار دولار خلال العشر سنوات المقبلة، وأيضا تشجيع الحكومة الصينية لشركاتها على استيراد مزيد من المنتجات غير النفطية من الجانب العربي. "ثلاث" تعني ثلاث مجالات عالية التكنولوجيا لتحقيق اختراق للتعاون البيني، تشمل الطاقة النووية والأقمار الصناعية والطاقات الجديدة، وفي هذا السياق، يجدر بالذكر أن الجانبان سيبحثان في إمكانية تأسيس مركز صيني عربي لنقل التكنولوجيا.

أما أساس التعاون بين الصين والدول العربية لبناء"الحزام والطريق"، فينبني على العلاقات الودية التقليدية بين الجانبين، ونيتهما الصادقة لتمتينها. يتميز هذا الأساس بأنه ثقافي وإنساني، وشعبي. فذكر الرئيس الصيني شي أن الصين ستساعد الدول العربية على تدريب 6 آلاف من الأكفاء في مجالات مختلفة خلال 3 سنوات، كما أنه خلال السنوات العشر القادمة ستنظم الصين زيارات متبادلة لعشرة ألاف من الفنانين، وتدفع التعاون الفعال بين مائتي مؤسسة ثقافية من الجانبين، وتدعو خمسمائة من الأكفاء العرب إلى الصين للمشاركة في الدورات التدريبية التختلفة. وتشير هذه الأرقام والأطر الزمنية للتنفيذ إلى عزم الحكومة الصينية القاطع على تحقيق التعاون المثمر بين الجانبين الصيني والعربي. الغاية الأسمى للتعاون هي جلب الثمار اليانعة للشعبين، وليس الشعار اليابس.
الشعبان الصيني والعربي صديقان حميمان، وجاران أمينان، وأخوان شقيقان، يربط بين قلوبهما وأحلامهما ومصالحهما "الحزام والطريق"، طريق الحرير المعاصر. قد سرد سيادة الرئيس الصيني شي قصة حقيقية تجسد الترابط العضوي بين الحلم الصيني والحلم العربي في ختام كلمته قائلا إن تاجرا شابا عربيا له طموحات تزوج مع فتاة مسلمة صينية لها حلم جميل، وفتحا مطعما إسلاميا اسمه "وردة" في مدينة يي وو، ونجحا في إدارته، ويعيشان الآن حياة رغيدة سعيدة، والآن يصبحان يحتضنان حلما موحدا: إكساب العلاقات الصينية العربية مزيدا من الود، وجعل زهرة التعاون بين الجانبين تتفتح بلون أزهى وتثمر بثمار أحلى.


* (أستاذ مشارك، باحث في محطة أبحاث ما بعد الدكتوراة للعلوم السياسية بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، نائب عميد كلية اللغات الشرقية)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :