تصويت مجلس النواب لصالح قانون المطبوعات القامع للحريات الصحفية وحرية التعبير ليس نهاية المطاف، تماما كما هو لا يمثل أية مفاجأة على الإطلاق.انعدام المفاجأة في الأمر يكمن في:
أولا: أن الحكومة هي التي صاغت مشروع القانون سيئ السمعة والصيت، وأحالته إلى مجلس النواب.
ثانيا: أنه من غير المتوقع أصلا تحقيق أي اصلاح في ظل الإفرازات البرلمانية لقانون الصوت الواحد بالغ السوء.
ثالثا: أن قوى الشد العكسي هي الممسكة بعنان الحكومة ومجلس الأمة.
لذا، وبعد أن عملت الحكومة على تسويق عملية الفصل بين إجراء التوقيف الإحترازي، وعقوبة الحبس، محاولة تسويق الأمر باعتباره تنازلا عن عقوبة مقابل تثبيت أخرى، علما أنها أرادت مساومة من طراز بالغ الغرابة ذلك أنها ضمنت مشروع القانون القامع للحريات بندا يحظر التوقيف القضائي، دون أن تضمنه حظرا للتوقيف الإداري، أو غير القضائي، وذلك على نحو أكثر من خرافي.
لقد أبقت الحكومة التوقيف غير القضائي، وعقوبة الحبس، اضافة إلى تغليظ الغرامات المالية، وهي فعلت كل ذلك، بتأييد من قبل انصارها، ومنتجات قانون الصوت الواحد في مجلس النواب..! وكل ذلك يتم تحت عنوان رفع سقف الحريات الصحفية بلوغا بها إلى السماء..!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
لاجدال في أن "انجازات" الحكومة، وتصويت مجلس النواب يمثل مخالفة كبيرة لتوجيهات جلالة الملك بشأن صياغة قانون مطبوعات عصري وديمقراطي، وسقف حرية يرتفع إلى السماء.
لذا، فإننا ننتظر تصويتا مختلفا من مجلس مستشاري الملك..مجلس الأعيان..
إذا كانت الحكومة جادة في دعواها، وهي ليست كذلك، في أنها تعمل على رفع سقف الحريات العامة، فإن تصويت الفلتر الحكومي ينتظر أن يرد مشروع القانون لمجلس النواب.
وإذا كانت الحكومة جادة في دعواها، فإننا ننتظر تخصيص مكان لساحة الحرية، وإعادة النظر في قانون التجمعات العامة، وهو ما وعدت به في بيانها الوزاري الذي حصلت على الثقة النيابية بناء عليه، وذلك قبل أن تتكل على الله، لتأتينا حكومة جديدة تواصل طريق التراجعات عن الحريات العامة.
وإن لم تفعل الحكومة، فإننا ننتظر رد جلالة الملك لمشروع القانون القامع للحريات، وأن لا يوشح بتوقيعه السامي قانونا شديد الإختلاف مع توجيهاته للحكومة