السيناريوهات المحتملة للحل النهائي لقضية القدس في منتدى الرواد الكبار
21-06-2014 05:23 PM
عمون - أقام منتدى الرواد الكبار ندوة بعنوان) القدس سيناريوهات مستقبلية(، قدمها د.جاسر العناني، مساء الثلاثاء بحضور المهتمين، أدارها المدير التنفيذي للمنتدى عبدالله رضوان، وكان لرئيسة المنتدى هيفاء البشير كلمة بالمناسبة.
كلمة رئيسة المنتدى هيفاء البشير
أصحاب السعادة والعطوفة
السيدات والسادة
تحتل القدس المركز الأول في اهتمامنا أفرادا ومؤسسات وبخاصة لما تتعرض به هذه الأيام من محاولات تهويد ضخمة، تعمدإلى تغيير المشهد المقدسي برمته بهدف تهويد المدينة، ومحاولة رفع صفة الاحتلال عنها، والإسراع في تغيير معالمها، والتوسع الدائم في المستوطنات المحيطة بها، بل والقيام بإنشاء مستوطنات جديدة، كل ذلك يؤكد أهمية وقوفنا جميعا، أفرادا ومؤسسات كل حسب طاقته ومقدرته لمقاومة هذا الاحتلال وللاحتفاظ بالقدس مدينة لكل الأديان السماوية.
من هنا تبرز أهمية لقاء الليلة حول مدينتنا المباركة، حيث سيحاضر الدكتور جاسر العناني حول (القدس: سيناريوهات مستقبلية)، ليعرّفنا وهو المتخصص قانونيا، بمختلف السيناريوهات المتوقعة والتي سيتم بموجبها التعامل مع هذه المدينة ذات الإرث الحضاري /التاريخي/الديني منذ بناها الكنعانيون قبل ميلاد السيد المسيح، ثم بقاء وتوارث الأهمية الدينية عبر العصور لأبناء الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية.
الحضور الكريم،
من هنا تبرز أهمية المحاضرة التي سيقدمها لنا القانوني المختص وأستاذ الجامعة الدكتور جاسر العناني، وهو الذي عاش في القدس وجوارها سنوات عديدة، لذا فهو الأقدر على سبر قضاياها المتعددة والمعقدة معا.لذا فاسمحوا لي أن نرحب ترحيبا حقيقيا بمحاضرنا لهذا المساء الدكتور جاسر العناني، شاكرين له هذا الاختيار الذكي للموضوع الذي يشغلنا كثيرا هذه الأيام بل وستظل القدس رمزا لقسوة المحتل الإسرائيلي ولما يقوم به ضد شرفاء الوطن وضد المدينة سكانا وبيئة وحدودا وضرائب باهظة.
أيها الجمع الكريم
اسمحوا لي قبل أن أختم كلمتي هذه أن أتوجه للدكتور جاسر بالشكر لحسن الاختيار لهذا الموضوع الشائك والمعقد، كما واسمحوا لي أن أذكر الأخوات من أعضاء وأصدقاء المنتدى بأن موعد رحلتنا إلى مادبا لزيارة المتحف المادباوي ولتناول الغداء سيكون يوم السبت الموافق 17/6/2014 والتفاصيل موجودة عند لجنة المنتدى الاجتماعية وعند الاستقبال لدى الآنسة شروق العمر.
ومع تأكيد أهمية وخصوصية هذه الندوة التي أتطلع إلى أن نستفيد من أطروحتها وعيا ومواقف وانحيازا إلى القدس الشريف موقفا وعملا، فإنني أتطلع إلى مشاركة واعية ومحترمة من قبلنا جميعا بما يليق بخصوصية القدس ودورها العربي والإسلامي بخاصة والعالمي بعامة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاضرة د.جاسر علي العناني (السيناريوهات المحتملة للحل النهائي لقضية القدس)
سعت السلطات الإسرائيلية منذ عام (1948)إلى ترسيخ أمر واقع هدفت من ورائه إلى إيصال هذه القضية إلى ما هي عليه الآن، وشملت هذه الإجراءات مصادرة الأراضي وتوطين المستوطنين في المدينة، ومضايقة المواطنين العرب لدفعهم إلى الهجرة من بيوتهم وترك أراضيهم، بالإضافة إلى الإجراءات التي كانت تغطى بقوانين الكنيست الإسرائيلي مثل "القانون الأساسي" الذي ينص على "جعل مدينة القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل"([1]).
وقد بدأت الأوساط الفلسطينية والعربية تقر بشكل مباشر وغير مباشر بهذا الواقع الجديد الذي فُرض على المدينة، ويبدو ذلك جلياً من الإقرار بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، ومن خلال الطروحات التي تطالب بعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية فقط، أو حتى في أي مكان يتبع إدارياً للقدس الموحدة، بشرط ضمان حرية الوصول إلى أماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، بل إن رئيس منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية سابقاً ياسر عرفات تحدث، أثناء توقيع اتفاقية أوسلو "ب"، عن القدس بوصفها "المركز الاقتصادي والروحي والديني للشعب الفلسطيني" دون أن يذكر أنها ستكون العاصمة الفلسطينية.
ومن خلال استعراض المواقف والمشاريع التي يطرحها الجانبان والمواقف المحيطة بهما، تبين الملامح العامة لأي سيناريو متوقع بشأن مستقبل المدينة في ظل المفاوضات السياسية القائمة وقواعدها، والتي ترجح لصالح الاحتلال الإسرائيلي، ومن أهمها:
1. المقترحات الإسرائيلية والفلسطينية تقود إلى تأكيد السيادة الإسرائيلية على القدس الحالية بغض النظر عن التقسيم الإداري والوظيفي.
2. تقترح معظم السيناريوهات تقسيم المدينة إلى قسمين، وفصل السكان العرب واليهود ما أمكن، وبالتالي إقامة أحياء عربية وأخرى يهودية تدار كلٌ منها محلياً على أساس وجود بلدية عليا مراقبة ومنسقة لشؤون الأحياء والمدينتين([2]).
3. إن الاقتراحات الإسرائيلية وظفت مسائل وظروفاً تحيط بالموقف الدولي والعربي والفلسطيني وواقع القدس وأهمها:
أ- الخلاف العربي الداخلي والغياب الإسلامي تجاه مشروع متماسك موحد يلتزم به الجميع.
ب- سياسية الأمر الواقع الناجمة عن الاستيطان اليهودي المستشري في المدينة وحولها.
ج- عدم التوازن الديمغرافي في القدس الشرقية بين اليهود والعرب، حيث أصبح حقيقةً يصعب تغييرها.
د- مساندة الولايات المتحدة لإسرائيل.
ه- المعاهدة الأردنية – الإسرائيلية من جهة واتفاقيات أوسلو من جهة أخرى، والفارق الزمني منذ توقيع اتفاق أوسلو "أ"إلى الحل النهائي([3]).
4. استثمرت الاقتراحات الإسرائيلية المنطق السياسي العربي العام والفلسطيني بشكل خاص بشأن القدس، والذي يقر حالياً بقبول القدس الغربية عاصمة لإسرائيل، أي وجود مدينتين.
5. استثمرت إسرائيل مركزية القدس بالنسبة لشعوب العالم، مستغلة في الوقت ذاته قبول العرب بوجود أغلبية يهودية في المدينة من حقها تقرير مصير المدينة، بفضل النشاط الحكومي الإسرائيلي وفي ظل غياب عربي وفلسطيني وإسلامي في القدس على حد سواء([4]).
6. كما استثمرت الثقل اليهودي العالمي، وبدء الحكومات العربية بإقامة علاقات رسمية مع الدولة العبرية.
7. راعت هذه المقترحات المواقف الإسرائيلية المختلفة بشأن القدس (يمين، يسار، وسط، متدينين، علمانيين، ... الخ).
8. وجود استعداد شعبي إسرائيلي للفصل بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل، رغم وجود بعض التوجهات المتشددة الداعية للسيطرة على الأراضي الفلسطينة كاملة بحجة توارتيتها.
9. إن الأبحاث والاقتراحات الإسرائيلية في غالبها جاءت من أطراف علمانية وغيرها وخصوصاً من حزب العمل، مما يشيرإلى أن الحقوق الإسرائيلية أياً كانت سوف تتجه نحو تطبيق إستراتجية الفصل على الشعب الفلسطيني([5]).
وعند مراجعة المشاريع الإسرائيلية المقترحة، وتصريحات القادة الإسرائيليين في الحكومات من الأحزاب الفاعلة، يُلاحظ أن السيناريو الذي تعمل إسرائيل على إنفاذه في المرحلة النهائية يتمحور حول:
أولاً: السيادة الإسرائيلية على القدس.
ثانياً: مستقبل المدينة، البلدة القديمة.
ثالثاً: المدينة ونفوذها والعمل الوظيفي.
رابعاً: عاصمة فلسطينية على أجزاء من أو في محيط القدس.
أولاً: السيادة الإسرائيلية على القدس:
1. إسرائيل ستصر على موقفها من السيادة على كامل المدينة بشقيها الغربي والشرقي، إذ لن تقبل إسرائيل بالتنازل عنها مهما كانت المغريات أو الضغوطات الدينية والسياسية، وهو ما أكدته مختلف المقترحات الإسرائيلية بهذا الخصوص([6]).
2. السيادة الإسرائيلية ستكون سيادة ووظيفية ورمزية كذلك، أما السياسية فمن خلال تواجد كافة مؤسسات الدولة فيها وانتقال السفارات إليها، كذلك التأكيد بأن يكون رئيس البلدية يهودياً، ووظيفية من خلال النشاطات الحكومية الخدماتية، وأما رمزياً، فلإمكانية تحويلها إلى مركز روحي لليهود (كما هي مكة والمدينة بالنسبة للمسلمين، والفاتيكان بالنسبة للنصارى) ([7]).
ثانياً: البلدة القديمة:
ستعمل إسرائيل على تدويل بعض أجزاء المدينة المقدسة وتسليم المسلمين الولاية الدينية والسماح برفع العلم الفلسطيني على قباب المدينة القديمة، وإعطائها صبغة دبلوماسية (على غرار الفاتيكان)، ومما يؤكد هذا التوجه رسالة التطمينات التي بعثها بيرس إلى عرفات، حيث يؤكد من خلالها الولاية الفلسطينية على المقدسات وذلك في أعقاب توقيع الاتفاقية الأردنية – الإسرائيلية، حيث صرح رابين بعد توقيع الاتفاقية بوجود أزمة بشأن المقدسات في القدس لأن العديد من الدول العربية تطمح بالولاية الدينية([8]).
ولكن من الواضح أن إسرائيل ملتزمة بتسليم الفلسطينيين الولاية وذلك لأسباب عديدة من أهمها الاختلافات القائمة بين الدول العربية على الوصاية على المقدسات، وهذه الولاية تجدد كل (25) عاماً تحت مظلة السيادة الإسرائيلية الرمزية التي لن تتدخل بالشؤون الدينية والوقفية وقضايا المقدسات، ولكنها لن تسمح بالولاية السياسية الفلسطينية المطلقة على المدينة القديمة([9]).
ثالثاً: المدينة ونفوذها:
1. ستعمل إسرائيل على تبني مشروع يدمج بين مختلف المقترحات الواردة وغيرها، بمعنى أنه سيكون هناك مدينتان، المدينة الحالية التي هي عاصمة إسرائيل بكل مساحات نفوذها مع سلخ بعض المناطق ذات التركيز العربي الكثيف مقابل استيعاب المستوطنات المحاذية للقدس، وهذه المدينة تضم كذلك كافة الأراضي التي تمت مصادرتها من السكان مع احتمال دفع تعويضات لمن يملكون إثبات ملكية الأراضي التي صادرتها، في الوقت ذاته تقسم المدينة إلى أحياء (بالذات العربية) تدير شؤونها الخاصة بنفسها، فيما تبقى السيادة الإسرائيلية على هذه الأحياء([10]).
2. لاستحالة الفصل الجغرافي (حالياً) بين أجزاء القدس العربية واليهودية، نظراً لتداخلها عبر سياسة المصادرات والاستيطان، فإنه يمكن بناء أحياء عربية جديدة على أراض فلسطينية، فيما تدير الأحياء الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية نفسها إدارياً ووظيفياً، وهكذا تنشأ مدينة عربية على أرض عربية مقدسية يمكن أن تكون عاصمة للكيان الفلسطيني([11]).
رابعاً: عاصمة فلسطينية على أجزاء من القدس:
1. تشارك المدينة الناشئة في المسؤولية الإدارية والوظيفية على الأحياء العربية ولا تملك السيادة السياسية على هذه الأحياء.
2. العاصمة تقام على أرض عربية فلسطينية تشكل مركزاً للكيان الفلسطيني تربطه بألوية الخليل ونابلس وغزة وجسورٌ يقع بعضها تحت السيادة الإسرائيلية.
3. المدينة تستطيع أن تضم مؤسسات الكيان الفلسطيني (هناك احتمالات أن تكون رام الله وأجزاء من القدس الشرقية ضمن هذه العاصمة).
4. هذه المدينة يربطها بالمدينة الحالية